فصل: (باب الذال والباء وما يثلثهما)

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: معجم مقاييس اللغة ***


‏(‏باب الدال والباء وما يثلثهما‏)‏

‏(‏دبج‏)‏

الدال والباء والجيم أصلٌ واحد يدلُّ على شيءٍ ذي صفحةٍ حَسَنَةٍ‏.‏ الدّيباجُ معروفٌ‏.‏ والدِّيباجَتانِ‏:‏ الخَدّان‏.‏ وقال ابن مقبل‏:‏

* يَجرِي بديباجَتَيهِ الرَّشْحُ مُرْتَدِعُ *

ويقال هما اللِّيتان‏.‏ وأمّا قولهم‏:‏ ‏"‏ما بالدّار دِبِّيجٌ‏"‏ فيقال هو بالحاء، وقد ذُكر في بابه، وإن كان بالجيم كما قيل فليس من هذا، ولعله أنْ يكون من دِبِّيٍّ، من الدَّبيب، ثم حُوِّلت ياء النِّسبة جيماً على لغة من يفعل‏.‏

‏(‏دبح‏)‏

الدال والباء والحاء أُصَيلٌ، وهو الإقبال على الشَّيء بالجِسْم حتَّى تَحْنُوَ عليه كل الحُنوّ‏.‏ يقال دبَّحَ الرجُل رأسَه، وذلك إذا نكسَه وطأطأه‏.‏ و*نُهِيَ أن يُدَبِّحَ الرّجُل في الصَّلاة كما يدبِّح الحِمار‏.‏ والذي يقولون ما بالدَّار مِنْ دِبِّيحٍ، فهو من هذا، أي مقيمٍ في الدَّار مقبلٍ عليها، والحاء في هذه الكلمة أقيس من الجيم، لما ذكرناه‏.‏

‏(‏دبر‏)‏

الدال والباء والراء‏.‏ أصل هذا الباب أنَّ جُلّه في قياسٍ واحد، وهو آخِر الشَّيء وخَلْفُه خلافُ قُبُلِه‏.‏ وتشذّ عنه كلماتٌ يسيرة نذكرُها‏.‏

فمعظم الباب أنَّ الدُّبُرَ خلافُ القُبُل‏.‏ والدَّبِير‏:‏ ما أدْبَرَتْ به المرأةُ من غزْلِها حين تفتِلُه‏.‏ قال ابن السكِّيت‏:‏ القَبِيل من الفَتْل‏:‏ ما أقبَلْتَ به إلى صدرك، والدَّبير‏:‏ ما أدبَرْتَ به عن صدرك‏.‏ ودابرةُ الطّائر‏:‏ الإِصبع التي في مُؤخَّر رِجْله‏.‏ وتقول‏:‏ جعلتُ قولَه دَبْرَ أُذُني، أي أغضَيْت عنه وَتصامَمْت، ودَبَر النَّهارُ وأدبَرَ، وذلك إذا جاء آخِرُه، وهو دُبُره‏.‏ ودبَّرْتُ الحديثَ عن فُلانٍ، إذا حدَّثتَ به عنه، وهو من الباب؛ لأنَّ الآخِر المحدِّثَ يَدْبُر الأوّلَ يجيءُ خَلْفَه‏.‏ ودابرة الحافر‏:‏ ما حاذَى مؤخَّر الرُّسْغ‏.‏ وقطَعَ اللهُ دابِرَهم، أي آخِرَ مَن بَقِي منهم‏.‏ والدَّابر من السِّهام‏:‏ الذي يخرُج من الهَدَف، كأنَّه وَلّى الرّاميَ دُبُرَه، وقد دَبَرَ يَدْبُرُ دُبُوراً، والدَّبَرانُ‏:‏ نجمٌ، سمِّي بذلك لأنَّه يَدْبُر الثّريّا‏.‏ ودابَرْتُ فُلاناً‏:‏ عاديتُه‏.‏ وفي الحديث‏:‏ ‏"‏لا تَدَابَرُوا‏"‏، وهو من الباب، وذلك أنْ يترُكَ كلُّ واحدٍ منهما الإقبالَ على صاحبه بوجْهه‏.‏ والتدبير‏:‏ أنْ يُدبِّر الإنسانُ أمرَه، وذلك أنَّه يَنظُر إلى ما تصير عاقبتُه وآخرُه، وهو دُبُره‏.‏ والتَّدبير عِتْق الرّجُل عبدَه أو أمَتَه عن دُبُر، وهو أن يَعْتِقَ بعد موت صاحبِه، كأنَّه يقول‏:‏ هو حُرٌّ بعدَ موتي‏.‏

ورجل مقابَلٌ مُدابَرٌ، إذا كان كريمَ النَّسَب من قِبَل أبوَيه؛ ومعنى هذا أنَّ من أقبَلَ منهم فهو كريمٌ، ومن أدبَرَ منهم فكذلك‏.‏ والمُدَابَرَة‏:‏ الشاة تُشَقُّ أُذُنُها من قِبَل قَفاها‏.‏ والدّابر ‏[‏من‏]‏ القِداح‏:‏ الذي لم يَخْرُج؛ وهو خلاف الفائز، وهو من الباب؛ لأنَّه ولّى صاحبَه دُبُرَه‏.‏ والدَّابر‏:‏ التابع؛ يقال‏:‏ دَبَرَ دُبُوراً‏.‏ وعلى ذلك يفسَّر قوله جلَّ ثناؤُه‏:‏‏{‏واللّيلِ إِذا دَبَرَ‏}‏ ‏[‏المدثر 33‏]‏، يقول‏:‏ تَبِع النَّهارَ‏.‏ وَدَبَرَ بالقِمار، إذا ذَهَب به‏.‏ ويقال‏:‏ ليس لهذا الأمرِ قبْلةٌ ولا دِبْرَةٌ، أي ليس لـه ما يُقبِل به فيُعْرَفَ ولا يُدْبِر به فيُعرَف‏.‏ ورجلٌ أُدابرٌ‏:‏ يقطَع رَحِمَه؛ وذلك أنَّهُ يُدبِرُ عنها ولا يُقْبِل عليها‏.‏ والدَّبُور‏:‏ ريحٌ تُقبِل مِن دُبُر الكعبة‏.‏ والدَّابرة‏:‏ ضربٌ مِن أُخَذِ الصَّرْع‏.‏ قال أبو زيد‏:‏ يقال ‏"‏هو لا يُصَلِّي الصّلاةَ إلاّ دَبَرِيّاً‏"‏، والمُحدِّثونَ يقولون‏:‏ دُبُريّاً‏.‏ وذلك إذا صلاَّها في آخرِ وقتها، يريد وقد أدبَرَ الوقتُ‏.‏

وأما الكلمات الأُخَرُ فأُراها شاذّةً عن الأصل الذي ذكرناه، وبعضُها صحيح‏.‏ فأمَّا المشكوك فيه فقولهم‏:‏ إنَّ دُبَاراً اسمُ يوم الأربعاء، وإنَّ الجاهليَّة كذا كانوا يسمُّونه‏.‏ وفي مثل هذا نَظَرٌ‏.‏ وأمَّا الصَّحيح فالدِّبار، وهي المَشَارات من الزَّرْع‏.‏ قال بِشرٌ‏:‏

* عَلَى جِرْبَةٍ تَعلُو الدِّبارَ غُروبُها *

ومن ذلك الدَّبْر، وهو المال الكثير؛ يقال مالٌ دَبْرٌ، ومالان دَبرٌ، وأموالٌ دَبْرٌ‏.‏

‏(‏دبس‏)‏

الدال والباء والسين أصلٌ يدلٌ على عُصارةٍ في لونٍ ليس بناصع‏.‏ من ذلك الدِّبس، وهو الصَّقْر‏.‏ والدُّبْسيُّ‏:‏ طائرٌ؛ لأنّه بذلك اللّون‏.‏ وجِئتَ بأُمورٍ دُبْسٍ، إذا جاء بها غيرَ واضحة‏.‏ قال بعضُ أهل العلم‏:‏ أَدْبَسَتِ الأرضُ فهي مُدْبِسَةٌ، إذا رُئِيَ فيها أوّلُ سواد النَّبت‏.‏ فأمّا الكثْرة فهي الدَِّبْسُ، وهو استعارةٌ، كما يقال لها الدَّهْماء والسَّواد، فقد عاد إلى ذلك القياس‏.‏ ويقولون الدَِّباساء، على فَِعالاء، للإناث من الجراد‏.‏

‏(‏دبش‏)‏

الدال والباء والشين ليس بشيء‏.‏ على أنَّهم يقولون أرضٌ مَدبُوشَة*‏:‏ أَكَلَ الجراد نَبْتَها‏.‏ قال‏:‏

* في مُهْوَأَنٍّ بالدَّبَا مَدْبُوشِ *

‏(‏دبغ‏)‏

الدال والباء والغين كلمةٌ‏.‏ دَبغْتُ الأديمَ أدْبَغُه وأدبُغه دَبغا‏.‏

‏(‏دبق‏)‏

الدال والباء والقاف ليس بشيء‏.‏ يقولون لِذِي البَطْن الدَّبُوقاء‏.‏

‏(‏دبل‏)‏

الدال والباء واللام أصلٌ يدلُّ على جَمْعٍ وتجمُّعٍ وإصلاح لَمرَمَّةٍ‏.‏ تقول دَبَلْتُ الشيءَ جَمعتُه، كَدَبْلك اللُّقمةَ بأصابعك‏.‏ والدُّبُول‏:‏ الجداول‏.‏ وسمِّيت بذلك لأنها تُدْبَل، أي تُنَقَّى وتُصلَح‏.‏ قال الكِسائيّ‏:‏ أرضٌ مدبولة، إذا أُصلِحَتْ بسِرْجينٍ وغيره‏.‏ قال‏:‏ وكلُّ شيءٍ أصلحتَه فقد دبلْتَه ودملْتَه‏.‏ ويقال الدَّوْبَل‏:‏ الحِمار الصَّغير‏.‏ وسمِّي بذلك لتجمُّع خَلْقِه‏.‏ ويقال دَبِلَ البعيرُ وغيرُه يَدْبَلُ، إذا امتلأَ لحماً‏.‏

ومما شذّ عن هذا الأصل الدِّبْل‏:‏ الدّاهية‏.‏ ودبَلَهم الأمرُ من الشّرّ‏:‏ نزلَ بهم‏.‏ يقال دِبْلاً دَبيلا، كما يقولون‏:‏ ثُكْلاً ثاكلا‏.‏ قال الشاعر‏:‏

طِعانَ الكُماةِ ورَكْضَ الجِيادِ *** وقَوْلَ الحَواضِنِ دِبلاً دَبيلا

‏(‏دبي‏)‏

الدال والباء والياء ليس أصلاً، وإنَّما ‏[‏هو‏]‏ كلمةٌ واحدة، ثم يُحمَل عليها تشبيهاً‏.‏ فالدّبا‏:‏ الجراد إذا تحرَّك‏.‏ والتشبيهُ قولهم‏:‏ أدْبَى الرِّمْثُ، أوَّلَ ما يتفَطَّر؛ وذلك لأنّه يشبَّه بالدَّبا‏.‏ وذكر بعضُهم‏:‏ جاء فلانٌ بدَبَادَبَا، إذا جاء بمالٍ كالدّبا‏.‏ ويقال أرضٌ مَدْبَاةٌ‏:‏ كثيرة الدبا‏.‏ ومَدْبِيَّةٌ‏:‏ أَكَلَ الدّبَا نباتَها‏.‏

 

‏(‏باب الدال والثاء وما يثلثهما‏)‏

‏(‏دثر‏)‏

الدال والثاء والراء أصلٌ واحد منقاسٌ مطّرد‏.‏ وهو تضاعُفُ شيءٍ وتناضُدُه بعضِه على بعض‏.‏ فالدَّثْر‏:‏ المال الكثير‏.‏ والدِّثار‏:‏ ما تدثَّر به الإنسانُ، وهو فوق الشِّعار‏.‏ فأمّا قول القائل‏:‏‏

* والعَكَرِ الدَّثِرْ *‏

فإنَّه أراد الدَّثْر فحرك الثاء، وهو الكثير‏.‏‏

ومن الباب تَدَثَّر الفَحْلُ الناقَة، إذا تَسَنَّمَها، كأنَّه صار دِثاراً لها‏.‏ وتدثَّر الرجُلُ فرسَه، إذا وثب عليه فركِبَه‏.‏ والدَّثُور‏:‏ الرّجل النَّؤُوم‏.‏وسمِّي لأنَّه يتدثَّر وينام‏.‏ فأمّا قولهم رسْمٌ داثِرٌ، فهو من هذا، وذلك أنَّه يكون ظاهراً حتى تهبّ عليه الرِّياحُ وتأتِيَه الرَّوامسُ، فتصيرَ له كالدِّثار فتغطِّيه‏.‏‏

‏(‏دثأ‏)‏

الدال والثاء والهمزة ليس أصلاً؛ لأنَّه من باب الإبدال‏.‏ يقولون مطر دَثَئِيٌّ، وهو الذي بين الحَمِيم والصَّيف‏.‏ وإنَّما الأصل دَفَئِيٌّ، وهو من الدِّفء‏.‏‏

‏(‏دثن‏)‏

الدال والثاء والنون كلامٌ لعلّه أن يكون صحيحاً‏.‏ فأما أنْ يكون له قياسٌ فلا‏.‏ يقولون‏:‏ دثَّن الطَّائرُ‏:‏ أٍرع في طَيَرانه‏.‏ ودثَّن اتَّخَذَ عُشَّه‏.‏ والكلمتان متشابهتان، والأمر فيهما ضعيف‏.‏‏

‏(‏باب الدال والجيم وما يثلثهما‏)‏

‏(‏دجر‏)‏

الدال والجيم والراء أصلٌ يدلُّ على لُبْسٍ‏.‏ فالدَّيجور‏:‏ الظَّلام؛ والجمع دَياجِر ودياجِير‏.‏ والدَّجَرُ‏:‏ شِبْهُ الحَيْرة، وهو ذلك القياس، يقال رجلٌ دَجْرانُ ودَجَارَى، كما يقال حَيرانُ وحَيارَى‏.‏‏

وها هنا كلمةٌ إنْ صحّت فهي شاذة عن الأصل الذي ذكرناه‏.‏ يقولون إن الدَُّجْر‏:‏ الخشبة التي يُشدّ عليها حديدةُ الفَدَّان‏.‏ وما أرَى هذا من كلام العرب‏.‏‏

‏(‏دجل‏)‏

الدال والجيم واللام أصلٌ واحد منقاسٌ، يدلُّ على التغطية والسَّتْر‏.‏ قال أهلُ اللغة‏:‏ الدَّجْل‏:‏ تموِيهُ الشَّيء، وسُمّي الكذّابُ دجّالاً‏.‏ وسمِعت عليَّ بن إبراهيمَ القَطَّان يقول‏:‏ سمِعت ثعلباً يقول‏:‏ الدَّجّال المموِّه‏.‏ يقال سيفٌ مُدَجّل، إذا كان قد طُلِيَ بذهبٍ‏.‏ قال‏:‏ فقِيل لـه‏:‏ فيجوز أن يكون الذّهب يسمَّى دَجَّالاً‏؟‏ فقال‏:‏ لا أعرِفُه‏.‏ ومن الباب الدّجّالة‏:‏ الجماعة العظيمة تحمل المتاع للتجارة‏.‏ ويقال دَجَّلْتُ البعير، إذا طلَيته بالقَطِران؛ والبعير مدجَّلٌ‏.‏‏

قال ابنُ دريد‏:‏ كلُّ شيءٍ غطّيته فقد دجَّلتَه‏.‏ وسُمِّيت دِجلةُ لأنَّها تغطِّي الأرض* بالجمع الكثير‏.‏ ويقال رُِفْقَةٌ دَجَّالة، إِذا غَطَّت الأرض بزَحْمَتها‏.‏ قال‏:‏‏

* دَجّالة من أعظَم الرِّفاقِ *‏

وفي كتاب الخليل‏:‏ الدّجال‏:‏ الكذَّاب، وإنَّما دَجَلُه كِذْبه؛ لأنَّه يدجِّل الحقَّ بالباطل‏.‏‏

‏(‏دجم‏)‏

الدال والجيم والميم كلمةٌ واحدة‏.‏ يقال دَُجِمَ، إذا حَزنَ‏.‏ ويقولون‏:‏ ما سمعتُ لفُلانٍ دَُجْمَةً، أي كلمة‏.‏ وهذه كأنها من باب الإبدال، والأصل زَُجْمَة‏.‏‏

‏(‏دجن‏)‏

الدال والجيم والنون قياسُه قياسُ الدال والجيم واللام‏.‏ فالدَّجْن‏:‏ ظلُّ الغيم في اليوم المَطِر‏.‏ وأدْجَنَ المطرُ‏:‏ دامَ أيّاماً‏.‏ والمُداجَنةُ‏:‏ حُسن المخالَطة‏.‏ والدُّجُنَّة‏:‏ الظلماء‏.‏ وفي كتاب الخليل قال‏:‏ لو خففَّه الشاعر لجازَ له‏.‏ قال حُمَيدٌ‏:‏‏

* حتَّى إِذا انجلَتْ دُجَى الدُّجُونِ *‏

ومن الباب دَجَن دُجُوناً‏:‏ أقام‏.‏ والشَّاةُ الدّاجِن‏:‏ التي تَأْلف البيوت‏.‏ والله أعلم‏.‏‏

‏(‏باب الدال والحاء وما يثلثهما‏)‏

‏(‏دحر‏)‏

الدال والحاء والراء أصلٌ واحد، وهو الطَّرد والإبعاد‏.‏ قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏اخْرُجْ مِنْهَا مَذْؤُوماً مَدْحُورا‏}‏‏[‏الأعراف 18‏]‏‏.‏

‏(‏دحز‏)‏

الدال والحاء والزاء ليس بشيء‏.‏ وقال ابن دريد‏:‏ الدَّحْز‏:‏ الجِماع‏.‏ وقد يُولَع هذا الرجُل بباب الجماع والدَّفْع، وباب القَمْش والجمع‏.‏

‏(‏دحس‏)‏

الدال والحاء والسين أصلٌ مطَّرِد مُنْقاس، وهو تخلُّل الشَّيءِ بالشَّيءِ في خَفاءٍ ورِفق‏.‏ فالدَّحْس‏:‏ طلَب الشَّيءِ في خفاء‏.‏ ومن ذلك دَحَسْتُ بينَ القوم، إذا أفسدْتَ؛ ولا يكون هذا إلاّ برفْق ووَسواس لطيفٍ خفيّ‏.‏ ويقال الدّحْسُ‏:‏ إدخالك يَدَك بين جِلْدة الشَّاة وصِفَاقها تسلخُها‏.‏ والدَّحَّاس‏:‏ دويْبَّة تغيب في التراب، والجمع دَحاحيس‏.‏ وداحِسٌ‏:‏ اسم فرسٍ؛ وسمِّي بذلك لأنَّ حَوْطاً سطا على أُمِّه- أُمّ داحسٍ- بماءٍ وطِينٍ، يريد أن يخرج ماءَ فرسه من الرَّحِم‏.‏ وله حديث‏.‏

‏(‏دحص‏)‏

الدال والحاء والصاد كلمةٌ واحدة‏.‏ يقال دَحَصَ المذبوحُ برجْله يدحَصُ دَحْصاً، إذا ارتكَضَ‏.‏ قال علقمة‏:‏

رغا فوقَهم سَقْبُ السَّماءِ فداحِصٌ *** بشِكَّتِهِ لم يُسْتَلَبْ وسليبُ

‏(‏دحض‏)‏

الدال والحاء والضاد أصلٌ يدلُّ على زوالٍ وزَلَق‏.‏ يقال دَحَضَتْ رجلُه‏:‏ زَلِقَتْ‏.‏ ومنه دحَضَت الشّمس‏:‏ زالت‏.‏ ودَحَضَتْ حُجّةُ فلانٍ، إذا لم تَثْبُت‏.‏ قال الله جلّ ثناؤه‏:‏ ‏{‏حُجَّتُهُمْ دَاحِضَةٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ‏}‏ ‏[‏الشورى 16‏]‏‏.‏

‏(‏دحق‏)‏

الدال والحاء والقاف قياسٌ يقرُب من الذي قبْلَه‏.‏ يقال دَحَقَ الشَّيءُ‏:‏ زَالَ ولم يثبُتْ‏.‏ والدَّحيق‏:‏ البعيد‏.‏ ويقال فعلَ فلانٌ كذا فدحَقْتُ عنه يدَه، أي قبضتُها‏.‏ ويقال أدْحَقَه الله، أي أبْعَدَه‏.‏ ودَحَقت الرّحِمُ‏:‏ رمَتْ بالماء فلم تقبلْه‏.‏ والدِّحاق‏:‏ أن تخرُجَ رحِمُ الأنثَى بعد الولادة، فلا تنجُو حتى تموت‏.‏ وهي دَحُوقٌ‏.‏ قال‏:‏

وأُمُّكُمْ خَيْرَةُ النِّساء عَلَى *** ما خانَ منها الدِّحاقُ والأَتَمُ

‏(‏دحل‏)‏

الدال والحاء واللام يدلُّ على تلجُّفٍ في الشَّيء وتطامُن‏.‏فالدَّحْل‏:‏ المطمئِنُّ من الأرض، والجمع الدُّحُول‏.‏ ويقال بئرٌ دَحُولٌ‏:‏ ذاتُ تلجُّف، وذلك إذا أكمَلَ الماءُ جِرابَها‏.‏ فأمَّا الدَّحِلُ في خَلْق الإنسان، فيقال هو العظيم البَطْن؛ وهو قياسُ الباب، لأنَّه يدلُّ على سَعةٍ وتلجُّف‏.‏

‏(‏دحم‏)‏

الدال والحاء والميم ليس بشيءٍ‏.‏ على أنّهم يقولون‏:‏ دَحَمَه، إذا دَفَعَه دفعاً شديداً‏.‏ وبه سُمِّي الرَّجُل دَحْمانَ ودُحَيْماً‏.‏

‏(‏دحن‏)‏

الدال والحاء والنون ليس بأصلٍ، لأنّه من باب الإبدال‏.‏ يقال رجل دَحِنٌ، وهو مثل الدَّحِلِ‏.‏ وقد فسَّرناه‏.‏

‏(‏دحو‏)‏

الدال والحاء والواو أصلٌ واحد يدلُّ على بَسْطٍ وتمهيد‏.‏

يقال دحا الله الأرضَ يدحُوها دَحْواً، إذا بَسَطَها‏.‏ ويقال دحا المطرُ الحَصَى عن وجْه* الأرض‏.‏ وهذا لأنّه إذا كان كذا فقد مهّد الأرض‏.‏ ويقال للفرَس إذا رمَى بيديه رمْياً، لا يرفع سُنْبُكَه عن الأرض كثيراً‏:‏ مرّ يدحُو دَحْواً‏.‏ ومن الباب أُدْحِيُّ النَّعام‏:‏ الموضع الذي يُفَرِّخ فيه، أُفْعولٌ مِن دحوت؛ لأنّه يَدْحُوه برِجْله ثم يبيض فيه‏.‏ وليس للنّعامة عُشٌّ‏.‏

‏(‏باب الدال والخاء وما يثلثهما‏)‏

‏(‏دخر‏)‏

الدال والخاء والراء أصلٌ يدلُّ على الذُّل‏.‏ يقال دَخَرَ الرّجُلُ، وهو داخِر، إذا ذَلَّ‏.‏ وأَدْخَرَه غيرُه‏:‏ أَذَلَّه‏.‏ فأما الدَّخْدَار فالثَّوب الكريمُ يُصانُ‏.‏ قال‏:‏‏

* ويَجْلُو صَفْحَ دَخْدارٍ قَشِيبِ *‏

وليس هذا من الكلمة الأولى في شيءٍ؛ لأنَّ هذه مُعرّبة، قالوا‏:‏ أصلها تَخْت دار، أي مَصُونٌ في تَخْت‏.‏‏

‏(‏دخس‏)‏

الدال والخاء والسين أصلٌ واحد، يدلُّ على اكتنازٍ واندساسٍ في ترابٍ أو غيره‏.‏ فالدَّخْسُ أن يندسَّ الشَّيءُ في التراب‏.‏ ولذلك سَمَّى الرّاجزُ الأثافيَّ دُخَّساً‏.‏ فهذا هو الأصل، ثم سُمِّي كلُّ شيءٍ تجمَّعَ إلى شيءٍ وداخَلَه، بذلك‏.‏ والدَّخيس‏:‏ الحَوْشَب، وهو ما بين الوَظيف والعصَب‏.‏ والدَّخِيس من الناس‏:‏ العددُ الجَمُّ‏.‏ والدَّخَس‏:‏ داءٌ في قوائم الدّابة‏.‏ والدَّخِيس‏:‏ اللحم المكَتَنِز‏.‏ وكلُّ ذي سِمَنٍ دَخيسٌ‏.‏ ويقال الدَّخيس‏:‏ لحمُ باطن الكفّ‏.‏ والدَّخيس من أَنْقَاء الرّملِ‏:‏ الكثير‏.‏ وكَلأٌ دَيْخَسٌ، أي كثير‏.‏ وأنشد‏:‏‏

* يَرْعَى حَلِيّاً ونَصِيّاً دَيْخَسَا *‏

‏(‏دخش‏)‏

الدال والخاء والشين ليس بشيءٍ‏.‏ وزعم ابنُ دريد أنّ الدَّخش فِعْلٌ مُماتٌ، يقال دَخِشَ دَخَشاً، إذا امتلأ لحماً‏.‏ ومنه اشتقاق دَخْشَم‏.‏‏

‏(‏دخص‏)‏

الدال والخاء والصاد كالذي قبله‏.‏ وذكر ابن دُريد أنّ الدَّخُوص‏:‏ الجاريةُ السَّمينة‏.‏‏

‏(‏دخل‏)‏

الدال والخاء واللام أصلٌ مطرد منقاس، وهو الوُلوج‏.‏ يقال دخل يدخُل دخولاً‏.‏ والدُِّخْلَةُ‏:‏ باطنُ أمرِ الرّجُل‏.‏ تقول‏:‏ أنا عالمٌ بدخْلَته‏.‏ والدَّخَل‏:‏ العَيب في الحَسب، وكأنَّه قد دخل عليه شيءٌ عابَه‏.‏ والدَّخَل كالدَّغَل، وهو من الباب؛ لأنَّ الدّغَل هذا قياسُه أيضاً‏.‏ ويقال إِنَّ المدخُول‏:‏ المهزُول؛ وهو الصَّحيح، لأنّ لحمهُ كأنّه قد دُخِلَ‏.‏ ودَخِيلُك‏:‏ الذي يُداخِلُك في أُمورك‏.‏ والدِّخال في الوِرد‏:‏ أنْ تشربَ الإبل ثم تردَّ إلى الحوض ليشرب منها ما عساه لم يكن شَرِبَ‏.‏ قال الهُذَليّ‏:‏‏

* وتُوفِي الدُّفوفَ بشُربٍ دِخَالِ‏)‏ *‏

ويقال إنّ كلَّ لحمةٍ مجتمعة دُخَّلةٌ، وبذلك سُمِّي هذا الطائر دُخَّلاً‏.‏ ويقال دُخِل فلانٌ، وهو مدخولٌ، إذا كان في عقله دَخَلٌ‏.‏ وبنو فلانٍ في بني فلان دَخِيلٌ، إذا انتسبوا معهم‏.‏ ونَخْلَة مدخولةٌ‏:‏ عَفِنة الجوف‏.‏ والدُّخْلَلُ‏:‏ الذي يُداخِلُك في أمورك‏.‏ والدُّخَّل من ريش الطائر‏:‏ ما بين الظُّهْرَانِ والبُطْنان، وهو أجْوَدُ الرِّيش‏.‏ وداخِلَة الإِزار‏:‏ طَرَفه الذي يلي الجسَد‏.‏ والدُّخَّل من الكلأ‏:‏ ما دخَل منه في أُصول الشجر‏.‏ قال‏:‏‏

* تَبَاشِير أَحْوَى دُخَّلٍ وجميمِ *‏

‏(‏دخن‏)‏

الدال والخاء والنون أصلٌ واحد، وهو الذي يكون عن الوَقُود، ثمَّ يشبَّه به كلُّ شيء يُشْبِههُ مِن عداوةٍ ونظيرها‏.‏ فالدُّخَانُ معروفٌ، وجمعه دوَاخن على غير قياس‏.‏ ويقال دَخَنَتِ النّار تدخُن، إذا ارتفع دُخانها، ودخِنَتْ تَدْخَنُ، إذا ألقيْتَ عليها حطباً فأفسَدْتَها حتى يهيجَ لذلك دُخانٌ وكذلك دَخِن الطَّعامُ يَدْخَن‏.‏ ويقال‏:‏ دَخَن الغُبار‏:‏ ارتفَعَ‏.‏ فأمّا الحديث‏:‏ ‏"‏هُدْنَةٌ على دَخَنٍ‏"‏، فهو استقرارٌ على أمورٍ مكروهة‏.‏ والدُّخْنَةُ من الألوان‏:‏ كُدرةٌ في سوادٍ‏.‏ شاةٌ دَخْناءُ، وكبشٌ أدْخَنُ، وليلةٌ دَخْنانةٌ‏.‏ ورجلٌ دَخِنُ الخُلُق‏.‏ وأبناء دُخانٍ‏:‏ غنيٌّ وباهلة‏.‏ والدُّخْنَة‏:‏ بَخُورٌ يدخَّن به البيت‏.‏‏

 

‏(‏باب الدال والدال وما يثلثهما‏)‏

‏(‏ددن‏)‏

الدال والدال والنون كلمتان‏:‏ إحداهما اللَّهو واللَّعب، يقال دَدَنٌ ودَدٌ‏.‏ قال‏:‏‏

أيُّها القلب تعلَّلْ بدَدَنْ *** إنّ هَمِّي في سَماعٍ وأَذَنْ‏

ومن هذا اشتُقَّ السَّيف الدَّدَانُ؛ لأنّه ضعيفٌ، كأنه ليس بِحادٍّ في مَضائه‏.‏ والكلمة الأخرى‏:‏ الدَّيْدَنُ‏:‏ العادَة‏.‏‏

والله أعلم‏.‏‏

 

‏(‏باب ما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف أوله دال‏)‏

وسبيلُ هذا سبيلُ ما مضى ذِكره، فبعضُه مشتقٌّ ظاهر الاشتقاق، وبعضُه منحوت بادي النَّحْت، وبعضه موضوعٌ وضعاً على عادة العربِ في مِثْله‏.‏

فمن المشتق المنحوت ‏(‏الدُّلَمِصُ‏)‏ و‏(‏الدُّمَلِصُ‏)‏‏:‏ البَرّاق‏.‏ فالميم زائدة، وهو من الشَّيء الدَّلِيص، وهو البرّاق، وقد مضَى‏.‏

ومن ذلك ‏(‏الدِّفْنسُ‏)‏، وهو الرجل الدنيُّ الأحمق، وكذلك المرأة الدّفِنس، والفاء فيه زائدة، وإنَّما الأصل الدال والنون والسين‏.‏

ومن ذلك ‏(‏الدَّرْقَعة‏)‏، وهو الفِرار‏.‏ فالزائِدة فيه القاف، وإنَّما هو من الدال والراء والعين‏.‏

ومنه ‏(‏الاندِراعُ‏)‏ في السَّيْر، وقد ذكرناه‏.‏

ومن هذا الباب ‏(‏ادْرَعَفَّتِ‏)‏ الإبلُ، إذا مضَتْ على وُجوهها‏.‏ ويقال ‏(‏اذرعَفَّتْ‏)‏ بالذال‏.‏ والكلمتان صحيحتان؛ فأمّا الدال فمن الاندراع، وأمّا الذال فمن الذريع‏.‏ والفاء فيهما جميعاً زائدة‏.‏

ومن ذلك ‏(‏الدَّهْكَم‏)‏، وهو الشّيخ الفاني، والهاء فيه زائدة، وهو من دَكَمْتُ الشيء وتدكَّم، إذا كسرتَه وتكسَّر بعضُه فوقَ بعض‏.‏ وقال قوم‏:‏ ‏(‏التَّدَهْكم‏)‏‏:‏ الانقحام في الشيء، وهو ذاك القياسُ الذي ذكرناه‏.‏

ومن ذلك ‏(‏الدَّلَهْمَسُ‏)‏، وهو الأسَد‏.‏ قال أبو عُبيد‏:‏ سمِّي بذاك لقوَّته وجُرْأته‏.‏ وهي عندنا منحوتٌ من كلمتين‏:‏ من دَالَسَ وهَمَسَ‏.‏ فدالَس‏:‏ أتى في الظَّلام، وقد ذكرناه، وهمس كأنّه غمس نَفْسَه فيه وفي كلِّ ما يريد‏.‏ يقال‏:‏ أسدٌ هموس‏.‏ قال‏:‏

فباتُوا يُدْلِجون وبات يَسْرِي *** بَصِيرٌ بالدّجَى هادٍ هَمُوسُ

ومن ذلك ‏(‏دَغْمَرْتُ‏)‏ الحديثَ، إذا خلَطْتَه‏.‏ قال الأصمعيّ في قوله‏:‏

* ولم يكُنْ مُؤْتَشَبَاً دِغْمَارا *

قال‏:‏ المُدَغْمَر‏:‏ الخفيّ‏.‏ وهذه منحوتةٌ من كلمتين‏:‏ دغم، يقال أدغمت الحرف في الحرف إذا أخفيته فيه، وقد فسَّرناه، ومن دَغَر، إذا دخَلَ على الشّيء‏.‏ وقد مضى‏.‏

ومن ذلك ‏(‏دَرْبَخَ‏)‏ إذا تذلَّل‏.‏ والدال فيه زائدة، وهو من دبخ، يقال‏:‏ مشى حَتَّى تدبَّخَ، أي استرخَى‏.‏

ومن ذلك ‏(‏دَمْشَقَ‏)‏ عملَه، إذا أٍسرَعَ فيه‏.‏ والدال فيه زائدة، وإنَّمَا هو مَشَق، وهو الطَّعْن السّريع، وقد فُسِّر في كتاب الميم‏.‏

ومن ذلك ‏(‏الدُّمَّرِغُ‏)‏ وهو الأحمق، والدال فيه زائدة، وهو من المَرْغ وهو ما يسيل من اللعاب، كأنّه لا يُمْسِك مَرْغَه‏.‏

ومن ذلك ‏(‏الدِّعْبِل‏)‏، وهو الجملُ العظيم‏.‏ وهو منحوتٌ من كلمتين مِن دَبَلْتُ الشَّيءَ، إِذا جمَعْتَه، وقد مضى، وهذا شيءٌ عَبْلٌ‏.‏ ويجيء تفسيره‏.‏

ومن ذلك ‏(‏الدُّمُْلَج‏)‏ و‏(‏الدَّمْلَجة‏)‏، واللام فيه زائدة‏.‏ وهو من أدمجت، وقد فسرناه‏.‏ والدُّمُْلَج‏:‏ المِعْضَد من الحَلْي‏.‏

ومن ذلك ‏(‏الدَّعْلَجةُ‏)‏، وهو الذّهاب والرُّجوع والتردُّد، وبه يسمُّون الفَرَس ‏"‏دَعْلَجاً‏"‏، والعين فيه زائدةٌ، وإنما هو الدَّلَج والإدلاج‏.‏

ومن ذلك ‏(‏دَخْرَصَ‏)‏ فلانٌ الأمرَ، إِذا بيَّنَه‏.‏ وإِنه لَـ ‏(‏دِخْرِصٌ‏)‏

، أي عالمٌ‏.‏ والوجه أن يكون الدال فيه زائدة، وهو من خَرَصَ الشيءَ، إذا قدَّره بفِطْنته وذكائه‏.‏

ومن ذلك ‏(‏الدَّخْمَسَةَ‏)‏، وهو كالخِبّ والخِدَاع، وهي منحوتةٌ من كلمتين‏:‏ من دَخس ودَمَس، وقد ذكرناهما‏.‏

ومن ذلك ‏(‏الدَّنْخَس‏)‏ وهو الشديد* اللحم الجَسيم‏.‏ والنون فيه زائدة، وهو من اللّحم الدَّخيس، وقد مضَى‏.‏

ومن ذلك ‏(‏تَدَرْبَسَ‏)‏ الرّجُل، إذا تقدَّم‏.‏ وأنشد‏:‏

إذا القوم قالُوا مَنْ فَتىً لِمُهمَّةٍ *** تَدَرْبَسَ باقِي الرِّيقِ فَخْمُ المناكبِ

والدال زائدة، وإنَّما هو من الراء والباء والسين‏.‏ يقال اربَسَّ اربِساساً، إذا ذَهَب في الأرض‏.‏

ومن ذلك ‏(‏الدلمسُ‏)‏، وهي الدَّاهية، وهي منحوتة من كلمتين‏.‏ من دَلَس الظلمة، ومن دَمَسَ، إذا أتَى في الظَّلام‏.‏

ومن ذلك ‏(‏الدَّغاوِل‏)‏ وهي الغَوائل، والواو فيها زائدة، وهو من دغل‏.‏

ومن ذلك ‏(‏الادْرِنْفَاقُ‏)‏، وهو السَّير السَّريع‏.‏ وهذا ممّا زِيدت فيه الراء والنون؛ وإنَّما هو من دَفَقَ، وأصله الاندفاع‏.‏ والدُّفْقَة من الماء‏:‏ الدُّفعة‏.‏ وقد مضى‏.‏

ومن ذلك ‏(‏الدُّعْثُور‏)‏، وهو الحوض الذي لم يُتَنَوَّقْ في صنعته‏.‏ قال‏:‏ العَدَبَّسُ‏:‏ ‏"‏الدُّعْثُور‏:‏ ‏[‏الحوض‏]‏ المتَثَلِّم‏"‏، وهذا ممّا زِيدت فيه العين‏.‏ وهو من دَثَرَ‏.‏ ويجوز أن يكون من دَعَثَ، وقد مضى‏.‏

ويقال ‏(‏ادْرَمَّجَ‏)‏، إذا دخل في الشَّيء واستَتَر‏.‏ والراء فيه زائدة، وإنَّما هو من دَمَج‏.‏

ومن ذلك ‏(‏الدُّمْلوك‏)‏ والحجر ‏(‏المُدَمْلَك‏)‏، والميم زائدة، وإنَّما هو من دلكت‏.‏

ومن ذلك ‏(‏دَغْفَقْت‏)‏ الماء‏:‏ صبَبْتُه، والغين زائدة، وإنَّما هو من دفقت‏.‏

ومن ذلك ‏(‏الدُّحْمُسَانُ‏)‏‏:‏ الأسود، والحاء زائدة، وهو من الدَّسَم، وهو عندنا موضوعٌ وضعاً‏.‏ وقد يكون عند سِوانا مشتقّاً‏.‏ والله أعلم‏.‏

‏(‏دَنْقَشَ‏)‏ الرَّجُلَ دَنْقَشَةً، إذا نَظَر وكسر عينَه‏.‏

و‏(‏الدَّهْثَمُ‏)‏ من الرجال‏:‏ السَّهل الليِّن‏.‏

و‏(‏الدِّرَفْسُ‏)‏ و‏(‏الدِّرْفاس‏)‏‏:‏ الضخم من الرِّجال‏.‏

و‏(‏الدَّرْمَك‏)‏‏:‏ الدَّقيق الحُوَّارَى‏.‏

و‏(‏الدُّرْنُوك‏)‏‏:‏ ضَرْبٌ من الثِّياب ذو خَمْلٍ، وبه تُشبَّه فَروةُ البعير‏.‏ قال‏:‏

* عَن ذِي دَرانِيكَ وهُلْبٍ أَهْدَبا *

و‏(‏الادْعِنْكارُ‏)‏‏:‏ إِقبال السَّيل‏.‏ ومحتملٌ أن يكون هذه من باب دَعَكَ‏.‏

و‏(‏دمْخَقَ‏)‏

الرّجُل في مِشْيته‏:‏ تثاقَلَ‏.‏

و‏(‏الدَّغْفَل‏)‏‏:‏ ولَدُ الفيل‏.‏ و‏(‏الدَّغْفَليُّ‏)‏‏:‏ الزّمان الخِصْب‏.‏ قال العجّاج‏:‏

* وإذْ زَمانُ النّاسِ دَغْفَليُّ *

ومحتملٌ أن تكون هذه من الذي زيد فيه الدال، كأنّه من غفل؛ وهم يصِفُون الزّمانَ الطيّبَ النّاعمَ بالغَفْلة‏.‏ قال‏:‏

قُدَيْدِيمَةَ التَّجريبِ والحِلمِ إِنَّني *** لَدَى غَفَلاتِ العَيش قبلَ التَّجاربِ

و‏(‏الدِّمَقْس‏)‏‏:‏ القَزَّ‏.‏ و‏(‏الدَّرْدَبِيس‏)‏‏:‏ الدّاهِيَة، والشيخ الهِمّ‏.‏

و‏(‏دنْقَسْتُ‏)‏ بين القوم‏:‏ أفسدت‏.‏ و‏(‏الدَّهاريس‏)‏

‏:‏ الدّواهي‏.‏

و‏(‏الدِّلْقِم‏)‏‏:‏ النّاقة التي أَكِلَتْ أسنانُها من الكِبَر‏.‏ ومحتمل أن تكون هذه منحوتةٌ من دَقَمْتُ فاه، إذا كسرْتَه، ومن دَلَق إذا خرج، كأنّ لسانَها يندلِق‏.‏

و‏(‏الدَّلْعَكُ‏)‏ و‏(‏الدَّلْعَس‏)‏‏:‏ الضَّخمة‏.‏ و‏(‏دَرْبَحَ‏)‏‏:‏ عَدَا‏.‏ و‏(‏الدَّرْبَلَةُ‏)‏

‏:‏ ضربٌ من المشي‏.‏ و‏(‏الدِّرَقْل‏)‏‏:‏ ضربٌ من النِّياب‏.‏ و‏(‏الدُّرْدَاقِسُ‏)‏

‏:‏ عظمٌ يفصِلُ بين الرّأس والعُنق‏.‏ وما أبعد هذه من الصحّة‏.‏

ويقال إنَّ ‏(‏الدُّلَمِزُ‏)‏‏:‏ القويُّ الماضي‏.‏ وكذلك ‏(‏الدُّلامِزُ‏)‏، والجمع دَلامِزُ‏.‏ قال الشاعر‏:‏

* يَغْبَى عَلَى الدَّلاَمِز البَرَارِتِ *

والله أعْلَمُ بالصَّواب‏.‏

‏(‏تم كتاب الدال‏)‏

كتاب الذّال

‏(‏باب الذال وما معها في الثنائي والمطابق‏)‏

‏(‏ذر‏)‏

الذال والراء المشددة أصلٌ واحد يدلُّ على لطافة وانتشار‏.‏ ومن ذلك الذَّرُّ‏:‏ صِغار النَّمل، الواحدة ذَرّةٌ‏.‏ وذَرَرْتُ المِلْحَ والدّواءَ‏.‏ والذرِيرة معروفة، وكلُّ ذلك قياسٌ واحد‏.‏

ومن الباب‏:‏ ذرّت الشّمْسُ ذُروراً، إذا طَلَعَتْ، وهو ضوءٌ لطيفٌ منتشر‏.‏ وذلك قولُهم‏:‏ ‏"‏لا أفعله ما ذَرَّ شارقٌ‏"‏، وما ذَرّ قرنُ الشّمْس‏.‏ *وحكي عن أبي زيد‏:‏ ذَرّ البَقْلُ، إذا طلَعَ من الأرض‏.‏ وهو من الباب؛ لأنّه يكون حينئذٍ صُغَاراً منتشراً‏.‏ فأمَّا قولُهم‏:‏ ذَارَّتِ النّاقةُ‏.‏ وهي مُذَارٌّ، إذا ساء خُلُقها، فقد قيل إنَّه كذا مثقّل‏.‏ فإن كان صحيحاً فهو شاذٌّ عن الأصل الذي أصَّلناه‏.‏ إلا أن الحطيئة قال‏:‏

* ذَارَتْ بأَنْفِها *

مخفّفاً‏.‏ وأراه الصحيح، ويكون حينئذٍ من ذئِرت، إذا تغضَّبت، فيكون على تخفيف الهمزة‏.‏ ‏[‏إلاّ‏]‏ أنّ أبا زيدٍ قال‏:‏ في نفسِ فُلانٍ ذِرارٌ، أي إعراضٌ غَضَباً، كذِرار النّاقة‏.‏ وهذا يدلُّ على القول الأول‏.‏ والله أعلم‏.‏

‏(‏ذع‏)‏

الذال والعين في المطابق أصلٌ واحد يدلُّ على تفريق الشيء‏.‏ يقال ذعْذعت الرِّيحُ ‏[‏الشيءَ‏]‏ إذا فرّقَتْه، فتذعْذع، أي تفرّق‏.‏ قال النابغة‏:‏

* تُذَعْذِعُها مُذَّعْذِعَةٌ حَنُونُ *

ويقال إنّ الَذُّعَاع الفُرْجة بين النَّخْلة والنَّخلةِ، في شعر طَرَفَة، على اختلافٍ فيه؛ فقد قال بعضُهم إنّه بالدّال، وقد مضى ذِكْرُه‏.‏

وحكى ابنُ دريدٍ‏:‏ ذَعْذَع السِّرَّ‏:‏ أذاعَه‏.‏ والذَّعاع‏:‏ الفِرَقُ من الناس، الواحدةُ ذَعاعة‏.‏

‏(‏ذف‏)‏

الذال والفاء أصلٌ واحد يدلُّ على خِفَّةٍ وسُرعة‏.‏ فالذَّفِيف إتباعٌ للخفيف‏.‏ ويقال الذَّفيف السَّريع‏.‏ ومنه يقال ذفَّفْتُ على الجريح، إذا أسرعتَ قَتْلَه‏.‏ واشتقاق ‏"‏ذُفافَة‏"‏ منه‏.‏ ويقال للماء القليل ذُفافٌ، ومياهٌ أذِفَّةٌ‏.‏

وحُكي عن الأعرابيّ‏:‏ الذَّفُّ‏:‏ القتل‏.‏ واستَذَفَّ الأمر‏:‏ استقامَ وتهيَّأَ‏.‏ ويقال الذَِّفَاف‏:‏ الشَّيء اليسير من كلِّ شيء‏.‏ يقولون ما ذُقْتُ ذَِفافاً، أي أدْنَى ما يؤكل‏.‏ قال أبو ذُؤيب‏:‏

يقولون لما جُشَّت البِئْرُ أَوْرِدُوا *** وليسَ بها أدنَى ذَِفافٍ لواردِ

يقول‏:‏ ليس بها شيءٌ‏.‏

‏(‏ذل‏)‏ الذال واللام في التضعيف والمطابقة أصلٌ واحد يدلُّ على الخُضوع، والاستكانة، واللِّين‏.‏ فالذُّل‏:‏ ضِدّ العِزّ‏.‏ وهذه مقابلةٌ في التضادِّ صحيحة، تدلُّ على الحكمة التي خُصَّتْ بها العرب دون سائر الأمم؛ لأنّ العزّ من العَزَازِ، وهي الأرض الصُّلْبة الشديدة‏.‏ والذِّلُّ خلاف الصُّعوبة‏.‏ وحُكي عن بعضهم أنَّه قال‏:‏ ‏"‏بعضُ الذِّلِّ-بكسر الذال- أبْقَى للأهْلِ والمال‏"‏‏.‏ يقال من هذا‏:‏ دابّةٌ ذلولٌ، بيِّن الذُّلِّ‏.‏

ومن الأوّل‏:‏ رجلٌ ذليل بين الذُّلّ والمَذَلّة والذِّلّةِ‏.‏ ويقال لما وُطِئَ من الطَّريق ذِلٌّ‏.‏ وذُلِّل القِطْفُ تذليلاً، إذا لانَ وتَدَلّى‏.‏ ويقال‏:‏ أجْرِ الأمورَ على أذلالها، أي استقامتها، أي على الأمر الذي تَطُوع فيه وتَنْقاد‏.‏

ومن الباب ذَلاذِل القميص، وهو ما يلي الأرض من أسافِلِه، الواحدة ذُِلْذُِلٌ‏.‏ ويقولون‏:‏ اذْلَوْلَى الرّجُل اذلِيلاَءً، إذا أسرَعَ‏.‏ وهو من الباب‏.‏

‏(‏ذم‏)‏

الذال والميم في المضاعف أصلٌ واحد يدلُّ كلُّه على خلافِ الحمد‏.‏ يقال ذَمَمْتُ فلاناً أذُمُّه، فهو ذميمٌ ومذموم، إذا كان غير حميد‏.‏ ومن هذا الباب الذَّمَّة، وهي البئر القليلةُ الماء‏.‏ وفي الحديث‏:‏ ‏"‏أنّه أتى على بئرٍ ذَمَّةٍ‏"‏‏.‏ وجمع الذَّمَّة ذِمام‏.‏ قال ذو الرُّمّة‏:‏

على حِميَرِيّاتٍ كأنَّ عيونَها *** ذِمامُ الرَّكايَا أنكَزَتْها المواتِحُ

أنكزَتْها‏:‏ أذهبَتْ ماءَها‏.‏ والمواتِح‏:‏ المستَقِيَة‏.‏

فأمّا العَهْد فإنَّه يسمَّى ذِماماً لأن الإنسان يُذَمُّ على إضاعته منه‏.‏ وهذه طريقة للعرب مستعملةٌ، وذلك كقولهم‏:‏ فلانٌ حامي الذِّمار، أي يَحْمي الشَّيءَ الذي يُغضِب‏.‏ وحامي الحقيقة، أي يَحْمِي ما يحقّ عليه أن يمنَعَه‏.‏

وأهل الذِّمّة‏:‏ أهلُ العَقْد‏.‏ قال أبو عُبيد‏:‏ الذمَّة الأمان، في قوله صلى الله عليه وآله وسلم‏:‏ ‏"‏ويَسعَى بذمَّتهم‏"‏‏.‏ ويقال أهل الذّمّة لأنهم أدَّوا الجِزْية فأمِنُوا على دمائهم وأموالهم‏.‏ ويقال في الذِّمام* مَذَمَّة وَمَذِمَّة، بالفتح والكسر، وفي الذَّمِّ مَذَمَّة بالفتح‏.‏ وجاء في الحديث‏:‏‏"‏ أنّ رجلاً سأل النبي صلى الله عليه وآله وسلم‏:‏ ما يُذْهِب عني مَِذَمَّة الرَِّضاع‏؟‏ فقال‏:‏ غُرَّةٌ‏:‏ عبدٌ أو أمَةٌ‏"‏‏.‏ يعني بمذَِمَّة الرَِّضاع ذِمامَ المُرضِعة‏.‏ وكان النّخَعيّ يقول في تفسير هذا الحديث‏:‏ إِنّهم كانوا يستحبُّون أن يَرْضَخوا عند فِصال الصبيّ للظّئْر بشيءٍ سِوى الأَجْر‏.‏ فكأنّه سأله‏:‏ ما يُسقط عنِّي حقَّ التي أرضَعتْني حتّى أكونَ قد أدّيْتُ حقَّها كاملاً‏.‏ حدّثنا بذلك القطَّان عن المفسِّر عن القُتَيبيّ‏.‏ والعرب تقول‏:‏ أذْهِبْ مَذَمَّتَهم بشيءٍ؛ أي أعطِهِم شيئاً؛ فإِنّ لهم عليك ذماماً‏.‏ ويقال افْعَلْ كذا وخَلاَك ذَمٌّ، أي ولا ذمَّ عليك‏.‏ ويقال أذَمَّ فلانٌ بفلانٍ، إذا تهاوَنَ به‏.‏ وأذَمَّ به بعيرُه، إذا أَخَّرَ وانقطَعَ عن سائر الإبل‏.‏ وشيءٌ مُذِمٌّ، أي مَعيب‏.‏ ورجلٌ مُذِمٌّ‏:‏ لا حَرَاك به‏.‏ وحكى ابنُ الأعرابيِّ‏.‏ بئرٌ ذميمٌ، وهي مِثْلُ الذَّمَّة‏.‏ أنشدَنا أبو الحسن القَطَّان عن ثَعْلبٍ عن ابن الأعرابيّ‏.‏

مُواشِكَةٌ تستعجِلُ الرَّكْضَ تبتَغِي *** نَضَائِض طَرْقٍ ماؤُهنَّ ذميمُ

يصف قطاةً‏.‏ يقول‏.‏

وبقي في الباب ما يقربُ من قياسه إن كان صحيحاً‏.‏ إنَّ الذَّميم بَثْرٌ يخرُج على الأنف‏.‏

وحكى ابنُ قتيبة أنَّ الذَّميم البَولُ الذي يَذِمُّ ويَذِنُّ من قضيب التيس‏.‏ قال أبو زُبيْدٍ‏:‏

تَرَى لأَخْلافِها مِن خَلْفِها نَسَلاً *** مثلَ الذَّميمِ على قُزْمِ اليَعَاميرِ

النَّسَلُ من اللَّبن‏:‏ ما يخرُج منه‏.‏ والقُزْم‏:‏ الصِّغار‏.‏ قال الشَّيبانيّ‏:‏ لا أعرِف اليعامير‏.‏ وسألتُ فلم أجِدْ عند أحدٍ بها علماً، ويقال هي صِغار الضّأن‏.‏

‏(‏ذن‏)‏

الذال والنون في المضاعف أصلٌ يدلُّ على سَيَلان‏.‏ فالذَّنين ما يَسِيل من المنخرَيْنِ‏.‏ وقد ذَنّ ذَنّاً، وهو أذَنُّ‏.‏ قال الشمّاخ‏:‏

توائِلُ من مِصَكٍّ أنْصَبَتْهُ *** حوالِبُ أسْهَرَتْه بالذَّنينِ

ويقال له الذُّنَان أيضاً‏.‏ ويقال إنّ المرأةَ الذّنّاءُ التي يسيل حَيضُها ولا ينقطع ويقال الذُّنانة بَقيّةُ الشّيء الهالكِ الضعيف‏.‏

ومما يشذّ عن الباب- وقد قلتُ إنّ أكثر أمْرِ النَّبات على غير قياس، الذُّؤْنُون‏:‏ نبتٌ‏.‏ يقال خرَجَ النّاسُ يَتذأْنَنُون، إذا أخَذُوا الذُّؤْنُون‏.‏

‏(‏ذب‏)‏

الذال والباء في المضاعف أصولٌ ثلاثة‏:‏ أحدها طُوَيئرٌ، ثم يُحمَل عليه ويشبَّه به غيرُه، والآخَر الحَدُّ والحِدّة، والثالث الاضطرابُ والحرَكة‏.‏

فالأوّل الذُّباب، معروف، وواحدته ذُبابة، وجمع الجمع أذِبّة‏.‏ وممّا يشبّه به ويُحمَل عليه ذُباب العَين‏:‏ إنسانُها‏.‏ ويقال ذَبَبْتُ عنه، إذا دفَعْتَ عنه، كأنّك طردت عنه الذُّباب التي يتأذّى به‏.‏ وقول النابغة‏:‏

* ضَرَّابَةٍ بالمِشْفَر الأّذِبَّهْ *

فهو جمع ذُبابٍ‏.‏ والمذبوبُ من الإبل‏:‏ الذي يدخل الذباب منخره‏.‏ والمذبوب‏:‏ الأحمق، كأنّه شُبِّه بالجمل المذبوب‏.‏

وأمّا الحَدُّ فذُبَاب أسنانِ البعير‏:‏ حَدُّها‏.‏ قال الشاعر‏:‏

وتَسْمَعُ للذُّباب إذا تَغَنَّى *** كتَغريد الحمامِ على الغُصُونِ

وذُباب السَّيف‏:‏ حَدُّه‏.‏

والأصل الثالث‏:‏ الذَّبذَبة‏:‏ نَوْس الشَّيءِ المعلَّق في الهواء‏.‏ والرجل المذَبْذَب‏:‏ المتردِّد بين أمرين‏.‏ والذُّبْذَبُ‏:‏ الذَّكَر؛ لأنه يتذَبْذَب أي يتردَّد‏.‏ والذَّباذِبُ‏:‏ أشياءُ تُعلَّق في هَودَجٍأو رأس بعيرٍ‏.‏ والذَّبُّ‏:‏ الثَّور الوحشيّ، ويسمَّى ذَبّ الرِّياد‏.‏ قال ابنُ مقبل‏:‏

يُمشِّي بها ذَبُّ الرِّيادِ كأنَّه *** فَتىً فارسيٌّ ذُو سِوَارَيْنِ رَامحُ

وقالوا‏:‏ سُمِّيَ ذبَّ الرِّياد لأنَّه يجيء ويذهب، لا يثبُت في موضعٍ واحد‏.‏

ومن هذا الأصل الثالث قولُهم ذَبَّت شفَتُه، إذا ذَبَُلَتْ من العطَش‏.‏ وأنشد‏:‏

هُمُ سَقَوْنِي عَلَلاً بَعْدَ نَهَلْ *** مِنْ بَعْدِ ما ذَبَّ* اللِّسانُ وذَبَُلْ

ويقال ذَبَّ النَّبْت، إذا ذَوَى‏.‏ وذَبّ جِسمُه، أي هَزُل‏.‏

ومن الاضطراب والحركة قولهم‏:‏ ذبَّبْنا ليلتَنا، أي أتعبْنا في السَّير‏.‏ ولا ينالون الماء إلاَّ بقَرَبٍ مذبِّبٍ، أي مُسْرِع‏.‏ قال‏:‏

مُذَبِّبَةً أَضَرَّ بها بُكُورِي *** وتَهْجيرِي إذا اليَعفورُ قالا

وقال‏:‏

يُذَبِّبُ وَرْدٌ على إثْرِه *** وأَمْكَنَه وَقْعُ مِرْدىً خَشِبْ

والله أعلم بالصّواب‏.‏

‏(‏باب الذال والراء وما يثلثهما‏)‏

‏(‏ذرع‏)‏

الذال والراء والعين أصلٌ واحدٌ يدلُّ على امتدادٍ وتحرُّك إلى قُدُم، ثم ترجع الفروعُ إلى هذا الأصل‏.‏ فالذِّراع ذِراع الإنسان، معروفة‏.‏ والذَّرع‏:‏ مصدر ذَرَعْتُ الثَّوبَ والحائطَ وغيرَه‏.‏ ثمّ يقال‏:‏ ضاق بهذا الأمر ذَرْعاً، إذا تكلَّفَ أكثَرَ ممّا يطيق فَعَجَز‏.‏ ويقال ذَرَعَهُ القَيء‏:‏ سبقَه‏.‏ ومَذَارِعُ الدَّابة‏:‏ قوائمها، والواحد مِذْراع‏.‏ وتَذَرّعَتِ الإِبلُ الماءَ‏:‏ خاضت بأذْرُعها‏.‏ ومَذَارع الأرض‏:‏ نواحيها، كأنَّ كلَّ ناحيةٍ منها كالذِّراع‏.‏ ويقال ذَرَعْتُ البعير‏:‏ وَطئْتُ على ذِراعه ليركَبَ صاحبي‏.‏ وتذَرَّعَتِ المرأةُ الخُوصَ، إذا تنقَّتْه، وذلك أنّها تُمِرّه مع ذراعها‏.‏ قال‏:‏

* تذرُّعُ خِرصانٍ بأيدِي الشَّواطبِ *

والذَّريعة‏:‏ ناقةٌ يتَسَتَّر بها الرّامِي يرمي الصَّيد‏.‏ وذلك أنَّه يتذرّع معها ماشياً‏.‏

ومن الباب‏:‏ تذرَّعَ الرّجُل في كلامه‏.‏ والإِذْراع‏:‏ كثرةُ الكلام‏.‏ وفرس ذَريعٌ‏:‏ واسع الخَطْو بَيِّن الذَّرَاعَة‏.‏ وقوائِمُ ذَرِعاتٌ‏:‏ خفيفات‏.‏ والذِّراعان‏:‏ نجمان، يقال هما ذِراعا الأسد‏.‏ ويقال للمرأة الخفيفة اليدِ بالغَزْل‏:‏ ذَِرَاع‏.‏ قاله الكِسائيّ‏.‏ ويقال ثورٌ مذرَّع، إذا كان في أذرُعِهِ لُمَعٌ سُودٌ‏.‏ ومطرٌ مذرِّع، وهو الذي إذا حُفِرَ عنه بلغ من الأرض قدر ذِراع‏.‏ والمذرَّع من الرّجال‏:‏ الذي يكون أمُّه عربيّة وأبوه خسيساً غيرَ عربيّ‏.‏ وإنَّما سُمِّي مذرَّعاً بالرَّقْمَتينِ في ذِراع البغل، لأنّهما أتَتَا من قِبَل الحِمار‏.‏ ويقال للرجل تَعِدُهُ أمراً حاضراً‏:‏ هو لَكَ مِنِّي على حَبْل الذِّراع‏.‏ ويقال لصَدْر القناة‏:‏ ذِراع العامل‏.‏ والذِّراعان‏:‏ ‏[‏هَضَبَتَانِ‏]‏‏.‏ قال‏:‏

* إلى مَشْرَبٍ بينَ الذِّراعَين بارِدِ *

والمَذَارع‏:‏ ما قرُب من الأمصار، مثل القادسيّة من الكوفة والمَذارع من النَّخل‏:‏ القريبة من البيوت‏.‏ وزقٌّ مِذْرَاعٌ، أي طويل ضَخْم‏.‏ ويقال ذَرَّعَ لي فلانٌ شيئاً من خَبَرٍ، أي خَبَّرَني‏.‏ ويقال ذرّع الرجل في سَعْيِهِ، إذا عدا فاستعانَ بيديه وحرَّكهما‏.‏ ويقال للبَشير إذا أومَأَ بيده‏:‏ قد ذَرّع البَشيرُ‏.‏ وهو علامةُ البُِشارة‏.‏

‏(‏ذرف‏)‏

الذال والراء والفاء ثلاثُ كلماتٍ، لا ينقاس‏.‏ فالأولى ذَرَفَت العينُ دمْعَها‏.‏ وذَرَفَ الدّمعُ يَذْرِف ذَرْفاً‏.‏ وَمَذَارف العَينِ‏:‏ مدامعها‏.‏ والثانية ذَرَفَ يَذْرِفُ ذَرَفانا، وذلك إذا مشَى مَشْياً ضعيفاً‏.‏ والثالثة ذرّف على المائة، أي زادَ عليها‏.‏

‏(‏ذرق‏)‏

الذال والراء والقاف ليس بشيء‏.‏ أما الذي لِلطائر فأصله الزاء، وقد ذكر في بابه‏.‏ والذَّرَق‏:‏ نبْت؛ يقال أذرقَت الأرضُ، إذا أنبَتَتْهُ‏.‏

‏(‏ذرو‏)‏

الذال والراء والحرف المعتل أصلان‏:‏ أحدهما الشَّيءُ يُشرِف على الشَّيء ويُظِلّه، والآخر الشَّيء يتساقط متفرّقاً‏.‏

فالذُِّروة‏:‏ أعْلَى السَّنامِ وغيره، والجمع ذُرىً‏.‏ والذَّرَا‏:‏ كلُّ شيءٍ استترْتَ به‏.‏ تقول‏:‏ أنا في ظِلِّ فُلانٍ، أي ذَرَاه‏.‏ والمِذْرَوَانِ‏:‏ أطراف الأَلْيَتَينِ؛ لأنّهما يُشرفان على ‏[‏ما‏]‏ بينَهما‏.‏

وأما الآخر فيقول‏:‏ ذَرَا نابُ الجَمَل، إذا انكسَرَ حدُّه‏.‏ قال أوسٌ‏:‏

إذا مْقَرَمٌ منَّا ذَرا حَدُّ نابِهِ *** تخمَّطَ فينا نابُ آخَرَ مُقْرَمِ

ومن الباب ذَرَت الرِّيحُ الشَّيءَ تَذْرُوه‏.‏ والذَّرَا‏:‏ اسمٌ لما ذَرَتْهُ الرِّيح‏.‏ويقال* أذْرَت العينُ دمْعَها تُذْريه‏.‏ وأَذْرَيْتُ الرّجُلَ عن فرَسه‏:‏ رميتُه‏.‏ ويقال إنَّ الذَّرَى اسمٌ لما صُبّ من الدّمع‏.‏

ومن الباب قولُهم‏:‏ بلَغنِي عنه ذَرْوٌ مِن قولٍ، وذلك ما يُساقِطُه من أطراف كلامه غيرَ متكامِل‏.‏

‏(‏ذرأ‏)‏

الذال والراء والهمزة أصلان‏:‏ أحدهما لونٌ إلى البياض، والآخر كالشَّي يُبذَرُ ويُزْرَع‏.‏

فالأوّل الذُّرْأة، وهو البياضُ من شَيبٍ وغيرِه‏.‏ ومنه ملح ذَرَآنِيٌّ وذَرْآنيّ‏.‏ والذُّرْأة‏:‏ البياض‏.‏ ورجل أذرَأُ‏:‏ أشيب، والمرأة ذَرْآء‏.‏ وقال الشيبانيّ‏:‏ شَعْرَةٌ ذَرْآءُ، على وزن ذرعاء، أي بيضاء‏.‏ والفِعل منه ذَرِئَ يَذْرَأُ‏.‏ ويقال إِنَّ الذَّرْآءَ من الغنم‏:‏ البَيضاء الأذُن‏.‏

والأصل الآخر‏:‏ قولهم ذَرَأْنا الأرضَ، أي بذَرْناها‏.‏ وزرعٌ ذرِيءٌ، ‏[‏على‏]‏ فعيل‏.‏ وأنشد‏:‏

شقَقْتِ القلبَ ثم ذرَأْتِ فِيهِ *** هَواكِ فليمَ فالتَامَ الفُطُورُ

ومن هذا الباب‏:‏ ذرَأَ اللهُ الخَلْق يذرؤُهُم‏.‏ قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ‏}‏ ‏[‏الشورى 11‏]‏‏.‏

وممّا شذّ عن الباب قولهم أذْرَأْتُ فلاناً بكذا‏:‏ أوْلَعْتُه به‏.‏ وحُكِيَ عن ابن الأعرابيّ‏:‏ ما بيني وبينه ذَرْءٌ، أي حائلٌ‏.‏

‏(‏ذرب‏)‏

الذال والراء والباء أصلٌ واحدٌ يدلُّ على خلاف الصَّلاح في تصرُّفه، مِن إقدامٍ وجرأةٍ على ما لا ينبغي‏.‏ فالذَّرَبُ‏:‏ فَسادُ المَعدة‏.‏ قال أبو زيد‏:‏ في لِسانِ فلان ذَرَبٌ، وهو الفُحْش‏.‏ وأنشد‏:‏

أرِحْني واستَرِحْ مِنِّي فإنِّي *** ثَقِيلٌ مَحْمَلِي ذَرِبٌ لِسانِي

وحكى ابنُ الأعرابيّ‏:‏ الذّرَبُ‏:‏ الصدأ الذي يكون في السَّيف‏.‏ ويقال ذَرِبَ الجُرح، إذا كان يزدادُ اتِّساعاً ولا يَقبل دواء‏.‏ قال‏:‏

أنت الطبيبُ لأدْواء القلوب إذا *** خِيِفَ المُطَاوِلُ من أدوائِها الذّرِبُ

وبقيت في الباب كلمةٌ ليس ببعيد قياسُها عن سائر ما ذكرناه؛ لأنَّها لا تدلُّ على صلاحٍ، وهي الذَّرَبَيَّا، وهي الدَّاهية‏.‏ يقال‏:‏ رماه بالذَّرَبَيَّا‏.‏ قال الكميت‏:‏

رمانِيَ بالآفات من كلِّ جانبٍ *** وبالذَّرَبَيَّا مُرْدُ فِهْرٍ وشِيبُها

‏(‏ذرح‏)‏

الذال والراء والحاء معظَمُ بابِهِ أصلٌ واحدٌ، وهو تفريق الشَّيء على الشيء يكسُوه صِبْغاً‏.‏ يقال ذَرَّحْتُ الزّعفرانَ في الماء، إذا جعلت فيه شيئاً منه يسيراً‏.‏ ثم يقال أحْمَرُ ذَرِيحِيٌّ، كأنَّ الحُمْرَة ذُرِّحتْ عليه‏.‏ والذَّرِيح‏:‏ فحل ينسب إليه الإبل‏.‏ وممكنٌ أن يكون ذلك للونه، كما يقال أحمر‏.‏ قال‏:‏

* من الذَّرِيحيّاتِ ضَخْماً آرِكا *

والذرائح‏:‏ الهِضاب، واحدتها ذَريحة‏.‏ وقد يمكن أن تُسمّى بذلك للَوْنها‏.‏ قال الله عز وجلَّ ‏{‏ وَمِنَ الجِبالِ جُدَدٌ بيضٌ وحُمْرٌ‏}‏‏[‏فاطر 27‏]‏‏.‏

ومن الباب أيضاً‏:‏ الذَّرَارِيح، واحدتها ذُرُّوحَةٌ وذُرَّاحَةٌ وذُرَحْرَحة‏.‏ يقال ذَرّحَ طعامَه، إذا جعل فيه ذلك‏.‏ وحكى ناسٌ عَسَلٌ مُذَرَّحٌ، أُكْثِر عليه الماء‏.‏

والله أعلم بالصّواب‏.‏

‏(‏باب الذال والعين وما يثلثهما‏)‏

‏(‏ذعف‏)‏

الذال والعين والفاء كلمةٌ واحدةٌ‏:‏ الذُّعَاف‏:‏ السمُّ القاتل‏.‏ طعام مذعوف‏.‏ وذُعِفْ الرَّجُل‏:‏ سُقِيَ ذلك‏.‏

‏(‏ذعق‏)‏

الذال والعين والقاف، ليس أصلاً ولا فيه لغة، لكنّ الخليلَ زعم أنَّ الذُّعاف لغة في الذُّعاق، ثم قال‏:‏ ما أدْرِي ألغة هي أم لُثْغَةٌ‏.‏ وكان ابنُ دريدٍ يقول‏:‏ الذُّعاق كالزُّعاق، وهو الصِّياح‏.‏ يقال ذَعَقَ وزَعَق، إذا صاحَ، بمعنىً‏.‏

‏(‏ذعر‏)‏

الذال والعين والراء أصلٌ واحدٌ يدلُّ على فَزَع، وهو الذُّعْر‏.‏ يقال ذُعِرَ الرَّجُل فهو مذعور‏.‏ والذَّعور من الإِبل‏:‏ التي إذا مُسَّت غارَّتْ‏.‏ وامرأةٌ ذَعُورٌ‏:‏ تُذْعَر من الرِّيبَة‏.‏ قال‏:‏

تَنُولُ بمعروف الحَديث وإِنْ تُرِدْ *** سِوى ذَاكَ تُذْعَرْ منك وهْي ذَعورُ

‏(‏ذعن‏)‏

الذال والعين* والنون أصلٌ واحدٌ يدلُّ على الإصحاب والانقياد‏.‏ يقال أَذْعَنَ الرَّجُل، إذا انقاد، يُذْعِنُ إِذْعاناً، وبناؤه ذَعَنَ، إلاَّ أنَّ استعماله أَذْعَنَ‏.‏ ويقال ناقةٌ مِذْعانٌ‏:‏ سَلِسَة الرأسِ منقادة‏.‏

‏(‏ذعط‏)‏

الذال والعين والطاء كلمةٌ واحدة‏.‏ يقال ذعطه، إذا ذَبَحه‏.‏ وذَعطَتْه المنِيّة‏:‏ قتلَتْه‏.‏ قال الشاعر‏:‏

إذا بلغُوا مِصْرهم عُوجِلوا *** من الموت بالهِمْيَعِ الذَّاعطِ

وقريب من هذا الذال والعين والتّاء؛ فإنّهم يقولون ذَعَتَه يذعَتُه، إذا خنقَه‏.‏

‏(‏باب الذال والفاء وما يثلثهما‏)‏

‏(‏ذفر‏)‏

الذال والفاء والراء كلمةٌ تدلُّ على رائحةٍ‏.‏ يقولون‏:‏ الذفَر‏:‏ حِدَّة الرائحة الطيبة‏.‏ ويقولون مِسْكٌ أذْفَرُ‏.‏ ويقولون‏:‏ روضةٌ ذَفِرةٌ‏:‏ لها رائحةٌ طيِّبة‏.‏ والذَّفْراءُ‏:‏ بقلة‏.‏ فأمّا الذِّفْرَى فهو الموضع الذي يَعرقُ من قَفَا البعير‏.‏ ولابدّ أن تكون لذلك المكانِ رائحةٌ‏.‏ والذِّفِرُّ‏:‏ البعير القويّ ذلك الموضعُ منه، ثمَّ استُعِير ذلك فقيل له في الإنسان أيضاً ذِفْرى‏.‏ قال‏:‏

والقُرط في حُرَّة الذِّفْرى مُعَلَّقُهُ *** تباعَدَ الحبْلُ عنه فهو مضطربُ

‏(‏ذفل‏)‏

الذال والفاء واللام ليس أصلاً‏.‏ على أنهم يقولون إن الذَِّفْل‏:‏ القَطِرانُ‏.‏ ويُنشِدون لابن مقبل‏:‏

تَمَشَّى به الظِّلْمانُ كالدُّهم قارَفَتْ *** بزَيْت الرُّهاءِ الجوْنِ والذِّفْلِ طاليَا

والله أعلم‏.‏

‏(‏باب الذال والقاف وما يثلثهما‏)‏

‏(‏ذقن‏)‏

الذال والقاف والنون كلمةٌ واحدة إليها يرجع سائرُ ما يشتقّ من الباب‏.‏ فالذَّقَنُ ذَقَن الإنسان وغيرِه‏:‏ مَجمَع لَحْيَيه‏.‏ ويقال ناقةٌ ذَقُونٌ‏:‏ تحرِّك رأسَها إذا سارت‏.‏ والذّاقنة‏:‏ طرَف الحلقومِ الناتئُ‏.‏ وهو في حديث عائشة‏:‏ ‏"‏تُوفِّيَ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بين سَحْرِي ونَحْري وحاقِنَتِي وذاقِنَتِي‏"‏‏.‏ وتقول‏:‏ ذَقَنْتُ الرّجل أَذْقُنُه، إذا دَفعْتَ بجُمْع كفِّك في لِهْزِمَتِه‏.‏ ودَلْوٌ ذَقونٌ، إذا لم تكُنْ مستويةً، بل تكون ضخمةً مائلة‏.‏‏

 

‏(‏باب الذال والكاف وما يثلثهما‏)‏

‏(‏ذكا‏)‏

الذال والكاف والحرف المعتلّ أصلٌ واحد مطّردٌ منقاس يدلُّ على حِدَّةٍ ‏[‏في‏]‏ الشَّيء ونفاذٍ‏.‏ يقال للشَّمس ‏"‏ذُكاءُ‏"‏ لأنَّها تذكو كما تذكو النّار‏.‏ والصُّبح‏:‏ ابنُ ذُكاءَ، لأنّه من ضوئها‏.‏

ومن الباب ذكَّيتُ الذَبيحة أُذكّيها، وذكّيت النّار أذكّيها، وذَكَوْتُهَا أذْكُوها‏.‏ والفَرَس المُذكِّي‏:‏ الذي يأتي عليه بعد القُروح سنة؛ يقال ذكّى يُذَكِّي‏.‏ والعرب تقول‏:‏ ‏"‏جَرْيُ المذَكِّيِاتِ غِلابٌ‏"‏، وغِلاءٌ أيضاً‏.‏ والذّكاء‏:‏ ذكاء القلب‏.‏ قال الشاعر‏:‏

يفضّله إذا اجْتَهَدَا عَلَيْهِ *** تمامُ السِّنِّ منه والذّكاءُ

والذّكاء‏:‏ سُرعة الفِطنة، والفعل منه ذَكِيَ يَذْكَى‏.‏ ويقال في الحرب والنّار‏:‏ أَذكَيت أيضاً‏.‏ والشَّيء الذي تُذْكَى به ذُكْوةٌ‏.‏

‏(‏ذكر‏)‏

الذال والكاف والراء أصلان، عنهما يتفرَّع كَلِمُ الباب‏.‏ فالمُذْكِر‏:‏ التي وَلَدَتْ ذكراً‏.‏ والمِذْكار‏:‏ التي تَلِد الذُّكْرانَ عادةً‏.‏ قال عديّ‏:‏

ولَقد عَدَّيْتُ دَوسَرَةً *** كعَلاَةِ القَين مِذْكارَا

والمِذْكار‏:‏ الأرض تُنْبِت ذُكور العُشْب‏.‏ والمذَكَّرَة من النُّوق‏:‏ التي خَلْقها وخُلُقها كخَلْق البعير أو خُلُقه‏.‏ قال الفرّاء‏:‏ يقال كَمِ الذِّكَرَةُ مِن ولدك‏؟‏ أي الذُّكور‏.‏ وسيف مذكَّر‏:‏ ذو ماءٍ‏.‏ وذُو ذُكْرٍ، أي صارم‏.‏

وذُكور البَقْل‏:‏ ما غلُظ منه، كالخُزامَى والأُقْحُوانِ‏.‏ وأحرار البُقول‏:‏ ما رَقَّ وكرُم‏.‏ وكان الشَّيبانيّ يقول‏:‏ الذُّكور إلى المرارَةِ ما هِيَ‏.‏

والأصل الآخر‏:‏ ذَكَرْتُ الشيء، خلافُ نسِيتُه‏.‏ ثم حمل عليه الذِّكْر باللِّسان‏.‏ ويقولون‏:‏ اجعلْه منك على ذُكْرٍ، بضم الذال، أي لا تَنْسَه‏.‏ والذِّكر‏:‏

العَلاء والشَّرَف‏.‏ وهو قياس الأصل‏.‏ ويقال رجلٌ ذَكُِرٌ وذكيرٌ، أي جيِّد الذِّكْر شَهْمٌ‏.‏

‏(‏باب الذال واللام وما يثلثهما‏)‏

‏(‏ذلف‏)‏

الذال واللام والفاء كلمةٌ واحدة لا يُقاس عليها، وهي الذَّلَف‏:‏ استواءٌ في طرف الأنف ليس بِحَدٍّ غليظٍ، وهو أحسن الأُنوف‏.‏‏

‏(‏ذلق‏)‏

الذال واللام والقاف أصلٌ واحدٌ يدلُّ على حِدّة‏.‏ فالذَّلْق‏:‏ طرَف اللِّسان‏.‏ والذَّلاقة‏:‏ حِدَّة اللِّسان، وكلُّ محدَّدٍ مذلَّق‏.‏ وقرن الثور مذلَّق‏.‏ ويُشتقُّ من ذلك أَذلَقْتُ الضَّبَّ، إذا صَببتَ الماء في جُحره ليخرج‏.‏ والإذْلاق‏:‏ سرعة الرَّمْي‏.‏‏

 

 ‏(‏باب الذال والميم وما يثلثهما‏)‏

‏(‏ذمي‏)‏

الذال والميم والحرف المعتل أصلٌ واحد يدلُّ على حركةٍ‏.‏ فالذَّماء‏:‏ الحركة؛ يقال ذَمى يَذْمِي، إذا تحرَّك‏.‏ والذَّمَيان‏:‏ الإسراع‏.‏ ويقال لبَقِيّة النَّفْس الذَّماء، وذلك أنّها بقيَّة حركتِه‏.‏ ومن الباب‏:‏ خُذْ ما ذَمَى لك، أي ما ارتفع، وهو من الباب لأنه يَسْنَح‏.‏ ويقال ذَمَتْني رِيحُ كذا، أي آذَتْني‏.‏‏

‏(‏ذمر‏)‏

الذال والميم والراء أصلٌ واحدٌ يدلُّ على شِدّةٍ في خَلْق وخُلُق، من غَضَب وما أشبهه‏.‏ فالذِّمْرُ‏:‏ الرّجُل الشجاع‏.‏ وكذلك الذَّمْر الحَضُّ‏.‏ وإذا قيل فلانٌ يتذمَّر، فكأنَّه يلوم نفسه ويتغضَّب‏.‏ والذِّمار‏:‏ كلُّ شيءٍ لَزِمَك حِفْظُه والغضبُ له‏.‏‏

وأمّا الذي قُلْناه في شِدَّة الخَلْق فالمُذَمَّر، هو الكاهل والعُنُق وما حولَه إلى الذِّفْرَى، وهو أصل العُنق‏.‏ يقولون‏:‏ ذَمّرْتُ السّليلَ، إذا مَسَِسْتَ قفاه لتنظر أذكرٌ أم أنثى‏.‏ قال أحيحة‏:‏‏

وما تَدرِي إذا ذَمّرْتَ سَقْبَا *** لِغَيْرِكَ أو ‏[‏يكون‏]‏ لك الفصيلُ‏

ويقولون‏:‏ إذا اشتدّ الأمر‏:‏ بلغ المُذَمَّر‏.‏ ويقولون رجلٌ ذَمِيرٌ وذَمِرٌ‏:‏ مُنْكَر‏.‏ وتذامَرَ القومُ، إذا حَثََّ بعضُهم بعضاً‏.‏ ومن الباب‏:‏ ذَمَرَ الأسد‏:‏ إذا زأر، يذْمَُر ذَمِرَة‏.‏‏

‏(‏ذمل‏)‏

الذال والميم واللام كلمةٌ واحدةٌ في ضربٍ من السَّير‏.‏ وذلك الذَّميلُ، كالعَدْوِ من الإِبل؛ يقال ذَمَّلْتُ الجملَ، إذا حمَلْتَه على الذَّميل‏.‏‏

‏(‏ذمه‏)‏

الذال والميم والهاء ليس أصلاً، ولا منه ما يصحّ؛ إلا أنهم يقولون ذَمِهَ، إذا تحيَّرَ؛ ويقال ذَمَهتْه الشَّمس‏:‏ آلمت دِماغَه‏.‏‏

والله أعلم‏.‏‏

 

‏(‏باب الذال والنون وما يثلثهما‏)‏

‏(‏ذنب‏)‏

الذال والنون والباء أصول ثلاثة‏:‏ أحدها الجُرم، والآخر مؤخَّر الشيء، والثالث كالحظِّ والنّصيب‏.‏‏

فالأوّل الذّنب والجُرم‏.‏ يقال أَذْنَبَ يُذْنِبُ‏.‏ والاسم الذّنْب، وهو مُذْنِبٌ‏.‏ والأصل الآخر الذّنَب، وهو مؤخر الدوابّ، ولذلك سُمِّي الأتباعُ الذُّنَابَى‏.‏ والمَذَانب‏:‏ مَذانب التِّلاع، وهي مَسَايل الماء فيها‏.‏ والمذنِّب من الرُّطَب‏:‏ ما أرْطَبَ بَعضُه‏.‏ ويقال للفرس الطويل الذّنب‏:‏ ذَنُوب‏.‏ والذِّناب‏:‏ عَقِبُ كلِّ شيء‏.‏ والذّانب‏:‏ التابع؛ وكذلك المستَذْنِبُ‏:‏ الذي يكون عند أذناب الإبل‏.‏ قال الشاعر‏:‏‏

* مثل الأَجيرِ استَذْنَبَ الرّواحلاَ *‏

فأمّا الذّنائب فمكانٌ، وفيه يقول القائل‏:‏‏

فإِنْ يَكُ بالذَّنائِبِ طالَ ليلِي *** فقد أَبْكِي من اللّيل القصيرِ‏

والله أعلم‏.‏‏

 

‏(‏باب الذال والهاء وما يثلثهما‏)‏

‏(‏ذهب‏)‏

الذال والهاء والباء أُصَيْلٌ يدلُّ على حُسْنٍ ونَضارة‏.‏ من ذلك الذَّهبُ معروف، وقد يؤنَّث فيقال* ذَهَبة، ويجمع على الأذْهَاب‏.‏ والمَذَاهب‏:‏ سُيورٌ تُموَّهُ بالذّهَب، أو خِلَلٌ من سُيوف‏.‏ وكلُّ شيءٍ مموَّهٍ بذَهَبٍ فهو مُذْهَبٌ‏.‏ قال قيس‏:‏

أتعرِف رسماً كاطّرادِ المَذَاهِبِ *** لعَمْرَةَ وَحْشاً غيرَ مَوْقِف راكبِ

ويقال رجلٌ ذَهِبٌ، إذا رأى مَعْدِنَ الذّهب فَدَُهِش‏.‏ وكميتٌ مُذْهَبٌ، إذا علتْهُ حُمْرةٌ إلى اصفرار‏.‏ فأمّا الذِّهْبة فمطرٌ جَوْدٌ‏.‏ وهي قياس الباب؛ لأنَّ بها تَنْضُر الأرضُ والنّبات‏.‏ والجمع ذِهابٌ‏.‏ قال ذو الرُّمّة‏:‏

* فيها الذِّهابُ وحَفَّتْها البَراعيمُ *

فهذا معظمُ الباب‏.‏ وبقي أصلٌ آخر، وهو ذَهاب الشيء‏:‏ مُضِيُّه‏.‏ يقال ذَهَب يَذْهَب ذَهاباً وذُهوباً‏.‏ وقد ذَهَبَ مَذْهباً حَسنا‏.‏

‏(‏ذهر‏)‏

الذال والهاء والراء ليس بأصلٍ‏.‏ وربَّما قالوا ذَهِرَ فُوهُ، إذا اسودّت أسنانُه‏.‏

‏(‏ذهل‏)‏

الذال والهاء واللام أصلٌ واحد يدلُّ على شغْلٍ عن شيءٍ بذُعْرٍ أو غيره‏.‏ ذَهَِلْتُ عن الشّيء أَذْهَل، إذا نسيتَه أو شُغِلْت‏.‏ وأذْهَلَنِي عنه كذا‏.‏ هذا هو الأصل‏.‏ وحُكي عن اللِّحياني‏:‏ ‏[‏جاء بَعْدَ‏]‏ ذُهْلٍ من الليل وذَهْل، كما تقول‏:‏ مرَّ هُدْءٌ من اللّيل‏.‏ ويجوز أن يكون ذلك لإظلامه وأنّه يُذْهَل فيه عن الأشياء‏.‏

ومما شذّ عن الباب قولهم للفرَس الجواد ذُهْلُولٌ‏.‏

‏(‏ذهن‏)‏

الذال والهاء والنون أصلٌ يدلُّ على قُوّة‏.‏ يقال ما به ذِهنٌ، أي قوّة‏.‏ قال أوس‏:‏

أنُوء برجلٍ بها ذِهْنُها *** وأعيَتْ بها أُختُها الغَابِرهْ

والذِّهن‏:‏ الفِطنة للشَّيء والحِفْظ له‏.‏ وكذلك الذَّهَنُ‏.‏

والله أعلم بالصواب‏.‏

‏(‏باب الذال والواو وما يثلثهما‏)‏

‏(‏ذوي‏)‏

الذال والواو والياء كلمةٌ واحدة تدلُّ على يُبْسٍ وجُفوف‏.‏ تقول ذَوَى العُود يَذْوِي، إذا جَفّ، وهو ذاوٍ، وربَّما قالوا ذأَى يَذأَى، والأوّل الأجود‏.‏

‏(‏ذوب‏)‏

الذال والواو والباء أصلٌ واحد، وهو الذَّوْب، ثمَّ يحمل عليه ما قاربه في المعنى مجازاً‏.‏ يقال ذَابَ الشيءُ يذُوب ذَوْباً، وهو ذائب‏.‏ ثم يقولون مجازاً‏:‏ ذاب لي عليه من المال كذا، أي وجَب؛ كأنّه لمّا وجب فقد ذاب عليه، كما يذوب الشَّيء على الشيء‏.‏ والإذوابة‏:‏ الزُّبْد حين يُوضَع في البُرْمة ليُذاب‏.‏ والذَّوْب‏:‏ العَسَل الخالص‏.‏ ثمَّ يقولون للشَّمس إذا اشتدّ حرُّها‏:‏ ذابت؛ كأنّها لما بلغت إلى الأجساد بحَرِّها فقد ذابت عليهم‏.‏ قال‏:‏

إذا ذابَتِ الشَّمسُ اتَّقَى صَقَرَاتِها *** بأفنانِ مَربُوعِ الصَّريمةِ مُعْبِلِ

ويقولون‏:‏ أذاب فلانٌ أمرَه، أي أصلَحَه‏.‏ وهو من الباب؛ لأنّه كأنّه فَعلَ به ما يفعله مُذِيب السَّمْن وغيرِه حتَّى يخلُص ويصلُح‏.‏ ومنه قول بِشر‏:‏

وكنتم كَذاتِ القِدْر لَم تَدْرِ إِذْ غَلت *** أتُنْزِلُها مذمومةً او تذيبُها

وقال قومٌ‏:‏ تُذِيبها تُنْهِبُها؛ والإذابة‏:‏ النُّهبْة؛ أذَبْتُه أنْهَبتُه‏.‏ وهو الباب، كأنّه أذابَهُ عليهم‏.‏

‏(‏ذوق‏)‏

الذال والواو والقاف أصلٌ واحد، وهو اختبار الشيء من جِهَةِ تَطَعُّمٍ، ثم يشتق منه مجازاً فيقال‏:‏ ذُقْت المأكولَ أذُوقه ذَوْقاً‏.‏ وذُقْت ما عند فلانٍ‏:‏ اختبرتُه‏.‏ وفي كتاب الخليل‏:‏ كلُّ ما نزَلَ بإِنسانٍ مِن مكروه فقد ذَاقَه‏.‏ ويقال ذاقَ القوسَ، إذا نظَرَ ما مقدارُ إعطائها وكيف قُوّتُها‏.‏ قال‏:‏

فذَاق فأعطَتْهُ من اللِّينِ جانباً *** كَفَى، ولَهَا أن يُغْرِق السَّهْمُ حاجزُ

‏(‏ذود‏)‏

الذال والواو والدال أصلان‏:‏ أحدهما تنْحِية الشّيء عن الشيء، والآخَر جماعةُ الإبل‏.‏ ومحتملٌ أن يكون البابان راجعَينِ إلى أصل واحد‏.‏

فالأوّل قولهم‏:‏ ذُدْت فلاناً عن الشيء أَذُودُه ذَوْداً، وذُدْت إبِلي أذودُها ذَوداً وذِيادا‏.‏ ويقال أذَدْتُ فلاناً‏:‏ أعنتُه على ذِياد إبلِه‏.‏

والأصل* الآخر الذَّوْد من النَّعَم‏.‏ قال أبو زيد‏:‏ الذَّود من الثلاثة إلى العشرة‏.‏

 

‏(‏باب الذال والياء وما يثلثهما‏)‏

‏(‏ذيخ‏)‏

الذال والياء والخاء كلمةٌ واحدة لا قياس لها‏.‏ قولهم للذّكر من الضباع ذِيخٌ، والجمع ذِيَخَة‏.‏ وربَّما قالوا‏:‏ ذيّخْت الرّجلَ تذييخاً، إذا أذلَلْتَه‏.‏‏

‏(‏ذير‏)‏

الذال والياء والراء ليس أصلاً‏.‏ إنّما يقولون‏:‏ ذَيَّرْتُ أطْباءَ النّاقةِ، إذا طليتَها بسِرْجِينٍ لئلا يرتضِع الفَصيل‏.‏ وهو الذِّيار‏.‏‏

‏(‏ذيع‏)‏

الذال والياء والعين أصلٌ يدلُّ على إظهار الشَّيء وظُهوره وانتشارِه‏.‏ يقال ذاعَ الخبرُ وغيرُه يَذِيع ذُيوعاً‏.‏ ورجلٌ مِذياعٌ‏:‏ لا يكتُم سِرّاً؛ والجمع المذاييع‏.‏ وفي حديث عليٍّ عليه السلام‏:‏ ‏"‏ليسوا بالمَسَايِيح ولا المَذايِيع البُذُر‏"‏‏.‏ وهاهنا كلمةٌ من هذا في المعنى من طريقة الانتشار، يقولون‏:‏ أذاع النّاس ‏[‏ما‏]‏ في الحَوض، إذا شربوه كُلَّه‏.‏‏

‏(‏ذيف‏)‏

الذال والياء والفاء كلمةٌ واحدة لا قياس لها، وهي الذَِّيفان وهو السمُّ القاتل‏.‏‏

‏(‏ذيل‏)‏

الذال والياء واللام أصَيلٌ واحد مطّرد منقاس، وهو شيءٌ يسفُل في إطافة‏.‏ من ذلك الذَّيل ذَيل القميص وغيرِه‏.‏ وذَيل الرِّيح‏:‏ ما انسحَبَ منها على الأرض‏.‏ وفرسٌ ذيّالٌ‏:‏ طويل الذّنَب‏.‏ قال النابغة‏:‏‏

بكلِّ مجرَّبٍ كاللّيث يسمُو *** إلى أوصالِ ذيّالٍ رِفَنِّ‏

وإن كان الفرسُ قصيراً وذنَبُه طويلاً فهو ذائلٌ‏.‏ وقولهم للشَّيء المُهان مُذالٌ، من هذا، كأنّه لم يُجعَل في الأعالي‏.‏ ويقولون‏:‏ جاء أذيالٌ من الناس، أي أواخِرُ منهم قليلٌ‏.‏ والذَّائلة من الدُّروع‏:‏ الطَّويلة الذَّيل‏.‏ وكذلك الذّائلُ‏.‏ قال‏:‏‏

* ونَسْجُ سُلَيْمٍ كُلُِّ قَضَّاءَ ذائِلِ *‏

وذالت المرأةُ‏:‏ جَرَّتْ أذيالها‏.‏ وهو في شعر طَرَفة‏.‏ فأمّا قولُ الأغلب‏:‏‏

* يسعى بيدٍ وذَيْلْ *‏

فإنَّما أراد الرِّجْل، فجعل الذّيلَ مكانَه للقافية؛ فإنّه يقول‏:‏‏

* فالويلُ لو يُنْجِيه قولُ الوَيْلْ *‏

ويقولون‏:‏ ‏"‏من يَطُلْ ذيلُه ينتطِقْ به‏"‏‏.‏ يراد أنّ مَن كان في سعةٍ أنفق مالَه حيث شاء‏.‏‏

‏(‏ذيم‏)‏

الذال والياء والميم كلمةٌ واحدة، لا يُقاس ولا يتفرّع‏.‏ يقال ذِمْتُه أذِيمُه ذيما‏.‏‏

‏(‏ذيأ‏)‏

الذال والياء والهمزة كلمة واحدة‏.‏ تذيّأَ اللّحمُ، وذيّأْتُه، إذا فصلتَه عن العَظْم‏.‏‏

‏(‏باب الذال والهمزة وما يثلثهما‏)‏

‏(‏ذأر‏)‏

الذال والهمزة والراء أصلٌ واحد يدلُّ على تجنُّب وتَقَالٍ‏.‏ يقولون ذَئِرْتُ الشّيءَ، أي كرهتُه وانصرفتُ عنه‏.‏ وفي الحديث‏.‏ ‏"‏أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ‏[‏لمَّا‏]‏ نَهَى عن ضَرْب النساء ذَئِر النِّساءُ على أَزْواجِهنّ‏"‏، يعني نَفَرْن ونَشَزْنَ واجتَرَأْنَ‏.‏ وقال الشّاعر‏:‏

ولقد أتانَا عن تميم أنَّهمُ *** ذَئِرُوا لِقَتْلَى عامرٍ وتغَضَّبُوا

ويقال ناقةٌ مُذائِرٌ، وهي التي ترْأم بأنْفِها ولا يصدُق حُبُّها‏.‏ ويقال بل هي التي تَنفِر عن الولد ساعَةَ تضعُه‏.‏ وقوله‏:‏ ‏"‏ذئروا لقَتْلَى‏"‏ يعني نفروا وأنكروا، ويقال أنِفُوا‏.‏

‏(‏ذأب‏)‏

الذال والهمزة والباء أصلٌ واحد يدلُّ على قِلّةِ استقرارٍ، وألاّ يكونَ للشَّيء في حركته جهةٌ واحدة‏.‏ من ذلك الذِّئب، سمِّي بذلك لتذَؤُّبِه من غير جهةٍ واحدة‏.‏ ويقال ذُئِبَ الرّجُل إذا وقَع في غنَمه ‏[‏الذئب‏]‏‏.‏ ويقال تذأَّبت الرِّيح‏:‏ أتت من كل جانب‏.‏ وأرض مَذْأَبَةٌ‏:‏ كثيرة الذئاب‏.‏ وذَؤُب الرّجُل إذا صار ذئباً خبيثاً‏.‏ وجمع الذِّئب أذؤبٌ وذِئاب وذُؤبَانٌ‏.‏ ويقال تذاءبْتُ النّاقَة تذاؤُباً، على تفاعلْتُ، إذا ظأرتَها على ولدها فَتَشَبَّهْتَ لها بالذئب، ليكون أرْأَمَ لها عليه‏.‏ وقال ‏[‏قومٌ‏]‏‏:‏ الإِذْآب‏:‏ الفِرار‏.‏ وأُنشِد‏:‏

إنِّي إذا ما ليثُ قومٍ أذْأبا *** وسقَطَتْ نَخْوتُهُ وهَرَبا

هذا أصل الباب، ثمّ* يشبَّه الشَّيءُ بالذِّئب‏.‏ فالذِّئبة من القَتَب‏:‏ ما تحت مُلْتَقى الحِنْوَين، وهو يقع على المِنْسَج‏.‏

‏(‏ذأم‏)‏

الذال والهمزة والميم أصلٌ يدلُّ على كراهَةٍ وعَيب‏.‏ يقال أذْأمْتَني على كذا، أي أكرَهْتَني عليه‏.‏ ويقولون ذأمْتُه، أي حَقَرْتُه‏.‏ والذّأْم العَيب، وهو مذؤومٌ‏.‏ فأما الذَّانُ بالنون، فليس أصلاً، لأنَّ النونَ فيه مبدلة من ميم‏.‏ قال‏:‏

ردَدْنا الكتيبةَ مَلمومةً *** بها أَفْنُها وبها ذانُها

‏(‏ذأل‏)‏

الذال والهمزة واللام أصلٌ يقِلُّ كَلِمُهُ، ولكنّه منقاسٌ يدلُّ على سُرعةٍ‏.‏ يقال ذَأَلَ يذْأَلُ، إذا مَشَى بسُرعةٍ ومَيْسٍ‏.‏ فإنْ كان في انخزالٍ قيل يَذؤل‏.‏ ومن ذلك سمِّي الذِّئْب ذُؤالة‏.‏

‏(‏ذأي‏)‏

الذال والهمزة والحرف المعتل يدلُّ على ضربٍ من السَّير‏.‏ يقال ذأى يذْأَى ذأْياً‏.‏ ويقال الذَّأْوُ‏.‏ السَّوق الشَّديد‏.‏

‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏

‏(‏باب الذال والباء وما يثلثهما‏)‏

‏(‏ذبح‏)‏

الذال والباء والحاء أصلٌ واحد، وهو يدلُّ على الشّقّ‏.‏ فالذَّبح‏:‏ مصدر ذبَحْت الشّاةَ ذبحاً‏.‏ والذِّبح‏:‏ المذبوح‏.‏ والذُّبَّاح‏:‏ شُقوقٌ في أصول الأصابع‏.‏ ويقال ذُبِحَ الدَّنُّ، إذا بُزِلَ‏.‏ والمذابح‏:‏ سيولٌ صغار تشقُّ الأرض شقّاً‏.‏ وسعدٌ الذّابحُ‏:‏ أحد السُّعود‏.‏ والذِّبَح‏:‏ نبتٌ، ولعله أن يكون شاذَّا من الأصل‏.‏

‏(‏ذبل‏)‏

الذال والباء واللام أصلٌ واحد يدل على ضُمْرٍ في الشيء‏.‏

 

‏(‏باب الذال والحاء وما يثلثهما‏)‏

‏(‏ذحق‏)‏

الذال والحاء والقاف ليس أصلاً‏.‏ وربَّما قالوا‏:‏ ذَحقَ اللسان، إذا انقشر من داءٍ يُصِيبُه‏.‏‏

‏(‏ذحل‏)‏

الذال والحاء واللام أصلٌ واحد يدلُّ على مقابلةٍ بمثل الجِناية، يقال طَلَبَ بذَحْلِه‏.‏‏

والله أعلم‏.‏‏

 

‏(‏باب الذال والخاء وما يثلثهما‏)‏

‏(‏ذخر‏)‏

الذال والخاء والراء يدلُّ على إحرازِ شيءٍ يحفظُه‏.‏ يقال ذخَرْتُ الشّيءَ أَذْخَرُه ذَخْراً‏.‏ فإذا قلت افتعلت من ذلك قلت ادّخرتُ‏.‏ ومن الباب المذاخِر، وهو اسمٌ يجمع جَوفَ الإنسان وعُروقَه‏.‏ قال منظور‏:‏

فلمَّا سقيناها العَكِيس تملَّأَتْ *** مَذاخِرُها وازداد رَشْحاً وريدُها

ويقولون‏:‏ ملأ البَعيرُ مَذاخِرَه، أي جوفَه‏.‏ والإذْخِرُ، ليس من الباب‏:‏ نبتٌ‏.‏

‏(‏باب ما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف أوله ذال‏)‏

فأمّا ما زاد على ثلاثة أحرُفٍ فكلماتٌ يسيرةٌ تدل على انطلاقٍ وذَهاب، وأمرها في الاشتقاقِ خفيٌّ جداً، فلذلك لم نعرِضْ لذِكْره‏.‏ فالذَِّعْلِبَة‏:‏ النّاقةُ السريعة‏.‏ يقال تذَعْلَبَتْ تذعلُباً، واذلَولَت اذْلِيلاءً، وهو انطلاقٌ في استِخفاء‏.‏ ويقال إنّ الذّعْلِبَة النّعامة، وبها شبِّهت النّاقة‏.‏ والذَّعالب‏:‏ قِطَع الخِرق، وهي قولُه‏:‏

* مُنْسَرِحاً إلاَّ ذَعالِيبَ الخِرَقْ *

واذْلَعَبَّ الجَملُ في سيره اذْلِعْباباً، وهو قريبٌ من الذي قبلَه‏.‏

والله أعلم بالصَّواب‏.‏

 ‏(‏تم كتاب الذال‏)‏

كتاب الرّاء

‏(‏باب الراء وما معها في الثنائي والمطابق‏)‏

‏(‏رز‏)‏

الراء والزاء أصلان‏:‏ أحدهما جنسٌ من الاضطراب، والآخَر إثباتُ شيءٍ‏.‏ فالأوّل الإرْزِيزُ، وهي الرِّعْدة‏.‏ قال الشاعر‏:‏

قَطعْتُ على غَطْشٍ وَبَغْشٍ وصُحَبَتِي *** سُعارٌ وإرزيزٌ وَوجْرٌ وَأَفْكَلُ

ويقال الإرْزيز البَرْد، وهو قياسُ ما ذكرناه‏.‏ والرِّزُّ‏:‏ صَوتٌ‏.‏ وفي الحديث‏:‏ ‏"‏مَن وَجَدَ في جوفه رِزّاًّ فلينصَرِفْ وليتوضّأْ‏"‏‏.‏

وأمّا الآخَر فيقال رَزَّ* الجرادُ، إذا غرزَ بذنَبه في الأرض ليَبِيض‏.‏ ومن الباب الإرزِيزُ، وهو الطّعْن؛ وقياسه ذاك‏.‏ والرَّزُّ‏:‏ الطَّعن أيضاً‏.‏ يقال رزَّهُ، أي طَعنَه‏.‏ ورزَزْتُ السَهْمَ في الحائط والقرطاس، إذا ثبَّتَّه فيه‏.‏ ومن القياس ارتَزَّ البخِيل عند المسألة، إذا بقي ‏[‏وبخل‏]‏؛ وذلك أنّه يقلُّ اهتزازُه‏.‏ والكلمات كلُّها من القياس الذي ذكرناه‏.‏

‏(‏رس‏)‏

الراء والسين أصلٌ واحد يدلُّ على ثباتٍ‏.‏ يقال رَسَّ الشَّيءُ‏:‏ ثبَتَ‏.‏ والرَّسيس‏:‏ الثابت‏.‏ ومن الباب رَسْرَسَ البعيرُ، إذا نضنَضَ برُكبته في الأرض يريد أنْ ينهض‏.‏ ومن الباب فلانٌ يرُسُّ الحديثَ في نَفْسه‏.‏ وسمِعتُ رَسّاً من خَبَر، وهو ابتداؤه؛ لأنّه يثبت في الأسْماع‏.‏ ويقال رُسَّ الميّت‏:‏ قُبِر‏.‏ فهذا معظم الباب‏.‏ والرَّسُّ‏:‏ وادٍ معروفٌ في شعر زهير‏:‏

* فهُنَّ ووادِي الرَّسِّ كاليدِ في الفَمِ *

والرُّسيس‏:‏ وَادٍ معروف‏.‏ قال زُهير‏:‏

لَمِنْ طَلَلٌ كالوحْيِ عافٍ منازلُه *** عَفَا الرَّسُّ منه فالرُّسَيسُ فعاقِلُهْ

فأمّا الرَّسُّ فيقال إنّه من الإضداد، وهو الإصلاح بين الناس والإِفْسَادُ بينهم‏.‏ وأيُّ ذلك ‏[‏كان‏]‏ فإنّه إثباتُ عداوةٍ أو مودّة، وهو قياس الباب‏.‏

‏(‏رش‏)‏

الراء والشين أصلٌ واحد يدلُّ على تفريق الشيء ذي النْدَى‏.‏ وقد يستعار في غير الندى، فتقول‏:‏ رششت الماءَ والدّمْع والدّمَ‏.‏ وطَعْنَةٌ مُرِشَّةٌ‏.‏ ورَشاشُها‏:‏ دمُها‏.‏ قال‏:‏

فطعَنْتُ في حَمَّائِهِ بِمُرِشَّةٍ *** تنفِي التُّرَابَ من الطَّريق المَهْيَعِ

ويقال شِواءٌ رَشراشٌ‏:‏ ينْصَبُّ ماؤُه‏.‏ ويقال رَشَّت السّماءُ وأرَشَّت‏.‏ ويقال أرشَّ فلانٌ فرسَه إرشاشاً، أي عرَّقه بالرَّكْض، وهو في شعر أبي دُوَاد‏.‏

ومن الباب عظمٌ رَشْرَشٌ، أي رخْو‏.‏

‏(‏رص‏)‏

الراء والصاد أصلٌ واحد يدلُّ على انضمامِ الشَّيء إلى الشيء بقوَّةٍ وتداخُل‏.‏ تقول‏:‏ رصَصْتُ البُنيانَ بعضَه إلَى بَعْضٍ‏.‏ قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏كَأنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ‏}‏ ‏[‏الصف 4‏]‏‏.‏ وهذا كأنّه مشتقٌّ من الرَّصاصِ، والرَّصاص أصل الباب‏.‏ ويقال تراصَّ القومُ في الصّفّ‏.‏ وحُكي عن الخليل‏:‏ الرَّصراص‏:‏ الحجارةُ تكون مرصوصةً حول عَين الماء‏.‏ ومن الباب التَّرصِيص‏:‏ أن تنتقب المرأةُ فلا يُرَى إلاَّ عَيناها‏.‏ وهو التَّوصِيص أيضاً‏.‏ ويقولون‏:‏ الرَّصراصة‏:‏ الأرض الصُّلبة‏.‏ والبابُ كلُّه منقاسٌ مطَّرد‏.‏

‏(‏رض‏)‏

الراء والضاد أصلٌ واحد يدلُّ على دَقِّ شَيءٍ‏.‏ يقال رضَضْتُ الشّيءَ أرُضُّه رضّاً‏.‏ والرَّضْرَاضُ‏:‏ حِِجارةٌ تُرَضْرَض على وجه الأرض‏.‏ والمرأة الرَّضْرَاضةُ‏:‏ الكثيرة اللَّحْم، كأنَّها رَضَّتِ اللّحمَ رَضّاً؛ وكذلك الرّجُل الرَّضراض‏.‏ قال الشاعر‏:‏

فعرَفْنا هِزَّةً تأخُذُهُ *** فقَرَنَّاهُ برَضْراضٍ رِفَلّ

والرَّضُّ‏:‏ التَّمر الذي يُدَقُّ وينقع في المَخْض‏.‏ وهذا معظمُ الباب‏.‏ ومن الذي يقرب من الباب الإرضاض‏:‏ شِدَّة العَدْو‏.‏ وقيل ذلك لأنه يَرُضّ ما تحت قدَمِه‏.‏ ويقال إبلٌ رَضارِضُ‏:‏ راتعَة، كأنّها ترُضّ العُشْب رضّاً‏.‏ وأمَّأ المُرِضَّةُ وهي الرَّثيئة الخاثرة، فقريبٌ قياسُها ممّا ذكرناه، كأنَّ زُبْدَها قد رُضَّ فيها رضّاً‏.‏ ‏[‏قال‏]‏‏:‏

إذا شَرِب المُرِضَّةَ قال أَوْكِي *** على ما في سِقائِكِ قد رَوِينا

‏(‏رط‏)‏

الراء والطاء ليس هو بأصلٍ عندنا‏.‏ يقولون‏:‏ الرَّطيط‏:‏ الجَلَبة والصِّياح‏.‏ وأَرَطَّ، إذا جَلَّب‏.‏ ويقال الرَّطيط‏:‏ الأحمق‏.‏ ويقال الإرْطاط‏:‏ اللُّزوم‏.‏ وفي كلِّ ذلك نَظرٌ‏.‏

‏(‏رع‏)‏

الراء والعين أصلٌ مطّرِدٌ يدلُّ على حركةٍ واضطراب‏.‏ يقال تَرَعْرَعَ الصَّبِيُّ‏:‏ تحرّك‏.‏ وهذا شابٌّ رَُعْرَُعٌ ورَعْراع، والجمع رَعارعُ‏.‏ قال‏:‏

* ألاَ إنّ أخْدانَ الشَّباب الرّعارِعُ *

وقصبٌ رعرعٌ‏:‏ طويلٌ‏.‏ وإذا* كان كذا فهو مضطربٌ‏.‏ ومن الباب الرَّعَاع، وهم سِفْلة النّاس‏.‏ ويقولون‏:‏ الرَّعْرَعة‏:‏ تَرَقْرُقُ الماءِ على وجْه الأرض‏.‏ فإن كان صحيحاً فهو القياس‏.‏

‏(‏رغ‏)‏

الراء والغين أصلٌ يدلُّ على رَفاهة ورفاغَةٍ ونَعْمة‏.‏ قال ابن الأعرابيِّ‏:‏ الرِّغْرغة من رَفاغة العَيش‏.‏ وأصلُ ذلك الرَّغْرَغة، وهو أنْ تَرِدَ الإبلُ على الماء في اليوم مراراً‏.‏ ومن الباب الرَّغيغة‏:‏ طعامٌ يُتَّخَذُ للنُّفَساء‏.‏ يقال هو لبَنٌ يُغْلَى ويُذَرُّ عليه دقيق‏.‏

‏(‏رف‏)‏

الراء والفاء أصلان‏:‏ أحدهما المَصُّ وما أشبهه، والثاني الحركة والرِّيق‏.‏

فالأوّل الرَّفّ وهو المَصّ‏.‏ يقال رفّ يرُفّ‏:‏ إذا تَرَشَّف‏.‏ وفي حديث أبي هريرة‏:‏ ‏"‏إنِّي لأَرُفُّ شَفَتَيْهَا‏"‏‏.‏

وأمّا الثاني فقولُهم‏:‏ رفَّ الشّيءُ يَرِفُّ، إذا بَرَق‏.‏

وأمَّا ما كان من جهة الاضطراب فالرّفرَفَة، وهي تحريك الطّائرِ جناحَيه‏.‏ ويقال إنّ الرَّفْرافَ‏:‏ الظَّليمُ يرفرِف بجناحَيه ثم يعدو‏.‏

ومن الباب الرَّفيف‏:‏ رفيف الشجرة، إذا تندَّتْ‏.‏ ومنه الرَّفْرَف وهو كِسْر الخباءِ ونحوِه‏.‏ وسمِّي بذلك لما ذكرناه؛ لأنه يتحرَّك عند هُبوب الرِّيح‏.‏ ويقال ثوبٌ رفيفٌ بيِّنُ الرَّفَف، وذلك رقّته واضطرابُه‏.‏ فأمّا قوله تعالى في الرّفْرَف، فيقال هي الرِّياض، ويقال هي البُسُط، ويقال الرَّفرف ثِيابٌ خُضْر‏.‏

ومما شذَّ عن مُعظَم الباب الرَّفّ‏.‏ قال اللِّحيانيّ‏:‏ هوالقطيع من البقر، ويقال هو الشّاء الكثير‏.‏ وأما قولهم ‏"‏يحُفّ ويرُفّ‏"‏ فقال قوم‏:‏ هو إتباعٌ، وقال آخرون‏:‏ يرُفّ‏:‏ يُطعِم‏.‏

‏(‏رق‏)‏

الراء والقاف أصلان‏:‏ أحدهما صفةٌ تكون مخالفةً للجفاء، والثاني اضطرابُ شيءٍ مائع‏.‏

فالأوّل الرّقّة؛ يقال رقّ يرِقّ رِقَّة فهو رقيق‏.‏ ومنه الرَّقَاقُ، وهي الأرض الليِّنة‏.‏ وهي أيضاً الرَّق والرِّق‏.‏ والرَّقَق‏:‏ ضعفٌ في العِظام‏.‏ قال‏:‏

* لم تلق في عظمها وَهْناً ولا رَقَقا *

قال الفرّاء‏:‏ في ماله رَقَق، أي قِلَّة‏.‏ والرِّقَّة‏:‏ الموضع ينضُب عنه الماء‏.‏ والرِّقّ‏:‏ الذي يُكتب فيه، معروف‏.‏ والرُّقاق‏:‏ الخبز الرقيق‏.‏

والأصل الثاني‏:‏ قولهم ترقْرَقَ الشَّيءُ، إذا لَمَعَ‏.‏ وترقرق الدمعُ‏:‏ دار في الحمْلاق‏.‏ وترقرق السَّراب، وترقرقت الشَّمس، إذا رأيتَها كأنها تدور‏.‏ والرَّقْراقة‏:‏ المرأة التي كأنَّ الماء يجري في وجهها‏.‏ ومنه رقرقْتُ الثَّوبَ بالطيب، ورَقْرقت الثَّريدة بالدَّسَم‏.‏ قال الأعشى‏:‏

وتبرُدُ بَرْدَ رِداءِ العَرُو *** س بالصَّيف رَقْرَقَت فيه العبيرَا

ومما شذَّ عن البابين ‏[‏الرَّقّ‏]‏‏:‏ ذكَر السَّلاحف، إن كان صحيحاً‏.‏

‏(‏رك‏)‏

الراء والكاف أصلان‏:‏ أحدهما وهو معظم البابِ رِقّةُ الشّيء وضعفُه، والثاني تراكُمُ بعضِ الشَّيء على بعض‏.‏

فالأوَّل الرَِّكُّ، وهو المطر الضعيف‏.‏ يقال أرَكَّتِ السّماءُ إركاكاً، إذا أتَتْ بِرَِكٍّ‏.‏ وقد أركّت الأرض‏.‏ ورَكَّ الشَّيءُ، إذا رَقّ‏.‏ ومن ذلك قول النَّاس‏:‏ ‏"‏اقطَعْها مِن حيث ركَّت‏"‏ بالكاف‏.‏ فحدّثَني القطّانُ عن المفسِّر عن القتيبي قال تقول العرب‏:‏ ‏"‏اقطَعْهُ من حيث رَكّ‏"‏ أي من حيث ضعُف، والعامة تقول‏:‏ من حيث رقّ‏.‏ فأمّا الحديث‏:‏ ‏"‏أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم لَعَنَ الرُّكاكَة‏"‏، فيقال إنّه من الرِّجال الذي لا يغَار‏.‏ قال‏:‏ وهو من الرَّكاكة، وهو الضَّعْف‏.‏ وقد قلناه‏.‏ والرَّكيك‏:‏ الضَّعيف الرأْي‏.‏

والأصل الثاني قولهم‏:‏ رَكّ الشَّيءَ بعضَه على بعضٍ، إذا طَرَحَه، يرُكُّه ركّاً‏.‏ قال‏:‏

* فنَجِّنا مِنْ حَبْس حاجاتٍ ورَكّْ *

ومن الباب قولهم‏:‏ رَكَكْتُ الشَّيءَ في عُنقه، ألزَمْتُه إيّاه‏.‏ وسَكرانُ مُرْتكٌّ أي مختلِطٌ لا يُبين كلامه‏.‏ وسقاءٌ مرْكُوكٌ، إذا عُولِج بالرُّبِّ وأُصلِحَ به‏.‏ ومن الباب الرّكْراكة من النِّساء‏:‏ العظيمة العجُز والفَخِذين‏.‏ ومنه شَحْمَةُ الرُّكَّى‏.‏ قال أهلُ اللغة‏:‏ هي الشَّحْمة تركَب اللَّحم، وهي التي لا تُعَنِّي، إنّما تذُوب‏.‏ يقال* ‏"‏وقَعَ على شَحْمة الرُّكَّى‏"‏، إذا وقع على ما لا يعنِّيه‏.‏

‏(‏رم‏)‏

الراء والميم أربعة أصول، أصلان متضادّان‏:‏ أحدهما ‏[‏لَمُّ‏]‏ الشّيء وإصْلاحه، والآخر بَلاؤُه‏.‏ وأصلان متضادّان‏:‏ أحدهما السكوت، والآخر خِلافُه‏.‏

فأمّا الأوّل من الأصلين الأوَّلَين، فالرَّمُّ‏:‏ إصلاح الشّيء‏.‏ تقول‏:‏ رمَمْتُه أرُمُّه‏.‏ ومن الباب‏:‏ أرَمَّ البعيرُ وغيرُه، إذا سَمِنَ، يُرِمُّ إرماماً‏.‏ وهو قوله‏:‏

هَجَاهُنَّ لما أنْ أرَمَّتْ عِظامُه *** ولو عاشَ في الأعرابِ ماتَ هُزالا

وكان أبو زيد يقول‏:‏ المُرِمُّ‏:‏ النَّاقة التي بها شيءٌ من نِقْيٍ، وهو الرِّم‏.‏ ومن الباب الرِّمُّ، وهو الثَّرى؛ وذلك أنّ بعضَه ينضمُّ إلى بعض، يقولون‏:‏ ‏"‏له الطّمُّ والرِّمّ‏"‏‏.‏ فالطِّمُّ البحر، والرِّمُّ‏:‏ الثَّرى‏.‏

والأصل الآخر من الأصلين الأوّلَين قولُهم‏:‏ رمَّ الشَّيءُ، إذا بَلِيَ‏.‏ والرَّميم‏:‏ العِظام الباليَة‏.‏ قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ‏}‏ ‏[‏يس 78‏]‏‏.‏ وكذا الرِّمَّة‏.‏ ونَهَى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن الاستنجاء بالرَّوث والرِّمّة‏.‏

والرُّمّة‏:‏ الحَبْلُ البالِي‏.‏ قال ذو الرُّمّة‏:‏

* أشْعَثَ باقِي رُمَّةِ التَّقلِيدِ *

ومن ذلك قولهم‏:‏ ادفَعْهُ إليه برُمّته‏.‏ ويقال أصلُه أنَّ رجلاً باعَ آخرَ بعيراً بحبلٍ في عنُقه، فقيل لـه‏:‏ ادفَعْه إليه برُمّته‏.‏ وكثُر ذلك في الكلام فقيل لكلِّ من دفع إلى آخَرَ شيئاً بكمَالِه‏:‏ دفَعَه إليه برُمّته، أي كُلّه‏.‏ قالوا‏:‏ وهذا المعنى أراد الأعشى بقوله للخَمَّار‏:‏

فقلتُ لـه هَذِهِ هَاتِهَا *** بِأَدْماءَ في حَبْل مُقْتادِها

يقول‏:‏ بعْني هذه الخمرَ بناقةٍ برُمَّتها‏.‏ ومن الباب قولهم‏:‏ الشاةُ ترُمُّ الحشيش من الأرضِ بِمَرَمّتها‏.‏ وفي الحديث ذكر البقر ‏"‏أنّها ترُمُّ من كلِّ شَجَر‏"‏‏.‏

وأمّا الأصلان الآخَرانِ فالأول منهما من الإرمام، وهو السُّكوت، يقال‏:‏ أرَمَّ إِرماماً‏.‏ والآخَر قولهم‏:‏ ما تَرَمْرَمَ، أي ما حَرَّك فاه بالكلام‏.‏ وهو قولُ أوسٍ‏:‏

ومُستعجبٍ مِمَّا يَرَى من أَناتِنا *** ولو زَبَنَتْهُ الحربُ لم يَتَرَمْرَمِ

فأمَّا قولُهم‏:‏ ‏"‏ما عَنْ ذلك الأمرِ حُمٌّ ولا رُمٌّ‏"‏ فإنَّ معناه‏:‏ ليس يحول دونَه شيءٌ وليس الرُّمُّ أصلاً في هذا، لأنه كالإتباع‏.‏ ويقولون-إن كان صحيحاً- نعجة رَمَّاءُ، أي بيضاء؛ وهو شاذٌّ عن الأصول التي ذكرناها‏.‏

‏(‏رن‏)‏

الراء والنون أصلٌ واحدٌ يدلُّ على صوتٍ‏.‏ فالإرنان‏:‏ الصوت والرَّنَّة والرَّنِين‏:‏ صَيحةُ ذِي الحُزْن‏.‏ ويقال أرنَّت القَوسُ عند إنباض الرَّامي عنها‏.‏ قال‏:‏

* تُرِنُّ إرناناً إذا ما أَنْضَبَا *

أي أَنْبَضَ‏.‏ والمِرْنانُ‏:‏ القوس؛ لأنَّ لها رَنيناً‏.‏ ويقال إنَّ الرَّنَنَ دويْبّةٌ تكون في الماء تصيح أيّامَ الصيف‏.‏ قال‏:‏

* ولا اليَمَامُ ولم يَصْدَح له الرَّنَنُ *

فهذا مُعظم الباب، وهو قياسٌ مطّرد‏.‏ وحُكِيت كلمةٌ ما أدري ما هي، وهي شاذّةٌ إن صحَّت، ولم أسمَعْها سماعاً‏.‏ قالوا‏:‏ كان يقال لجمادى الأولى رُنَّى، بوزن حُبلى‏.‏ وهذا مما لا ينبغي أن يعوَّل عليه‏.‏

‏(‏ره‏)‏

الراء والهاء إن كان صحيحاً في الكلام فهو يدلُّ على بصيص‏.‏ يقال ترَهْرَه الشّيءُ، إذا وَبَصَ‏.‏ فأمّا الحديثُ‏:‏ ‏"‏أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لمّا شُقَّ عن قَلْبه جِيء بطَسْتٍ رَهْرَهَةٍ‏"‏، فحدّثَنا القطان عن المفسّر عن القُتَيـبيّ عن أبي حاتم قال‏:‏ سألتُ الأصمعيَّ عنه فلم يعرفْه‏.‏ قال‏:‏ ولستُ أعرفُه أنا أيضاً، وقد التمستُ له مَخرجاً فلم أجِدْه إِلاّ من موضعٍ واحد، وهو أن تكونَ الهاء فيه مبدلةً من الحاء، كأنه أراد‏:‏ جِيءَ بطَسْتٍ رَحْرحةٍ، وهي الواسعة‏.‏ يقال إناءٌ رَحْرَحٌ ورَحْرَاحٌ‏.‏ قال‏:‏

* إلى إزاءٍ كالمِجَنِّ الرَّحْرَحِ *

والذي عندي في ذلك أنّ الحديثَ إنْ صحَّ فهو من الكلمة الأولى، وذلك أنَّ لِلطَّسْت بصيصاً‏.‏

ومما شذَّ عن الباب الرَّهْرهتان‏:‏ عَظْمانِ شاخصانِ في بواطن الكَعْبَيْن‏:‏ يقبل أحدُهُما على الآخر‏.‏

 ‏(‏رأ‏)‏

الراء والهمزة أصلٌ يدلُّ على اضطراب*، يقال رأْرَأَت العينُ‏:‏ إذا تحرَّكتْ من ضَعْفها‏.‏ ورأْرأَت المرأةُ بعينها، إِذا بَرَّقَت‏.‏ ورأْرأَ السّرابُ‏:‏ جاء وذَهَب ولمح‏.‏ وقالوا‏:‏ رأْرَأْتُ بالغَنَم، إذا دَعَوْتَها‏.‏ فأمّا الرّاءة فشجرَة، والجمع راءٌ‏.‏

‏(‏رب‏)‏

الراء والباء يدلُّ على أُصولٍ‏.‏ فالأول إصلاح الشيءِ والقيامُ عليه‏.‏ فالرّبُّ‏:‏ المالكُ، والخالقُ، والصَّاحب‏.‏ والرّبُّ‏:‏ المُصْلِح للشّيء‏.‏ يقال رَبَّ فلانٌ ضَيعتَه، إذا قام على إصلاحها‏.‏ وهذا سقاء مربُوبٌ بالرُّبِّ‏.‏ والرُّبّ للعِنَب وغيرِه؛ لأنّه يُرَبُّ به الشيء‏.‏ وفَرَسٌ مربوب‏.‏ قال سلامة‏:‏

ليسَ بأسْفَى ولا أقْنَى ولا سَغِلٍ *** يُسْقى دَواءَ قَفِيِّ السَّكْنِ مَرْبوبِ

والرّبُّ‏:‏ المُصْلِح للشّيء‏.‏ والله جلّ ثناؤُه الرَّبٌّ؛ لأنه مصلحُ أحوالِ خَلْقه‏.‏ والرِّبِّيُّ‏:‏ العارف بالرَّبّ‏.‏ وربَبْتُ الصَّبيَّ أرُبُّه، وربَّبْتُه أربِّبُه‏.‏ والرَّبيبة الحاضِنة‏.‏ ورَبيبُ الرَّجُل‏:‏ ابنُ امرأَتِه‏.‏ والرَّابُّ‏:‏ الذي يقوم على أمر الرَّبيب‏.‏ وفي الحديث‏:‏ ‏"‏يكرهُ أنْ يتزوَّج الرّجلُ امرأةَ رابِّهِ‏"‏‏.‏

والأصل الآخرُ لُزوم الشيءِ والإقامةُ عليه، وهو مناسبٌ للأصل الأوّل‏.‏ يقال أربَّت السّحابةُ بهذه البلدةِ، إذا دامَتْ‏.‏ وأرْضٌ مَرَبٌّ‏:‏ لا يزال بها مَطَرٌ؛ ولذلك سُمِّي السَّحاب رَباباً‏.‏ ويقال الرَّباب السحاب المتعلِّق دون السَّحاب‏.‏ يكون أبيضَ ويكون أسود، الواحدة رَبابةٌ‏.‏

ومن الباب الشّاةُ الرُّبَّى‏:‏ التي تُحتَبسَ في البيت لِلَّبَنِ، فقد أربَّتْ، إذا لازمت البيتَ‏.‏ ويقال هي التي وَضَعَتْ حديثاً‏.‏ فإن كان كذا فهي التي تربِّي ولدها‏.‏ وهو من الباب الأوّل‏.‏ ويقال الإرباب‏:‏ الدّنُوّ من الشَّيء‏.‏ ويقال أربَّت الناقة، إذا لزِمت الفحلَ وأحبّتْه، وهي مُرِبٌّ‏.‏

والأصل الثالث‏:‏ ضمُّ الشيء للشَّيء، وهو أيضاً مناسبٌ لما قبله، ومتى أُنْعِمَ النَّظرُ كان الباب كلُّه قياساً واحداً‏.‏ يقال للخِرْقة التي يُجعل فيها القِدَاحُ رِبابَةٌ‏.‏ قال الهذليّ‏:‏

وكأنّهُنَّ رِبَابةٌ وكأنه *** يَسَرٌ يُفِيضُ على القِداح ويَصْدَعُ

ومن هذا الباب الرِّبابة، وهو العَهْد‏.‏ يقال‏:‏ للمعاهَدِين أَرِبَّةٌ‏.‏ قال‏:‏

كانت أرِبَّتَهُم بَهْزٌ وغَرَّهُمُ *** عَقْدُ الجِوارِ وكانوا معشراً غُدُرَا

وسُمِّي العهدُ رِبابةً لأنَّه يَجْمَعُ ويؤلِّف‏.‏ فأمَّا قولُ علقمة‏:‏

وكنتَُ أمرأً أفْضَتْ إليكَ رِبابَتِي *** وقَبْلَكَ رَبَّتْنِي فضِعتُ رُبُوبُ

فإنَّ الرِّبابة، العهد الذي ذكرناه‏.‏ وأمَّا الرُّبُوب فجمع رَبّ، وهو الباب الأول‏.‏

وحدَّثنا أبو الحسن عليّ بن إبراهيم عن عليِّ بن عبد العزيز، عن أبي عبيد قال‏:‏ الرِّباب‏:‏ العُشور‏.‏ قال أبو ذُؤيب‏:‏

تَوَصَّلُ بالرُّكْبانِ حِيناً وتُؤْلفُ الـ *** ـجِوارَ وتُغْشِيها الأمانَ رِبابُها

وممكنٌ أن يكون هذا إنّما سُمِّي رِباباً لأنّه إذا أُخِذ فهو يصير كالعَهْد‏.‏

ومما يشذّ عن هذه الأصول‏:‏ الرّبْرَب‏:‏ القطيع من بقر الوحْش‏.‏ وقد يجوز أن يضمَّ إلى الباب الثالث فيقال إنَّما سُمِّي ربرباً لتجمُّعه، كما قلنا في اشتقاق الرِّبابة‏.‏

ومن الباب الثالث الرَّبَب، وهو الماء الكثير، سمِّي بذلك لاجتماعه‏.‏ قال‏:‏

* والبُرَّة السَّمْرَاء والماء الرَّبَبْ *

فأمّا رُبَّ فكلمة تستعمَل في الكلام لتقليل الشّيء، تقول‏:‏ رُبَّ رجلٍ جاءني‏.‏ ولا يُعْرف لها اشتقاق‏.‏

‏(‏رت‏)‏

الراء والتاء ليس أصلاً، لكنَّهم يقولون‏:‏ الرُّتَّة‏:‏ العَجَلة في الكلام‏.‏ ويقال هي الحُكْلَة فيه‏.‏ ويقولون‏:‏ الرُّتُوت‏:‏ الخنازير‏.‏ وقال ابنُ الأعرابيّ‏:‏ الرَّتُّ‏:‏ الرئيس؛ والجمع رُتوتٌ‏.‏ وكل هذا فممَّا ينبغي أن يُنظَر فيه‏.‏

‏(‏رث‏)‏

الراء والثاء أصلٌ واحد يدلُّ على إخلاقٍ وسقوط‏.‏ فالرَّثُّ‏:‏ الخَلَق البالي‏.‏ يقال حَبْلٌ رثٌّ، وثوبٌ رثٌّ، ورجلٌ رثّ الهَيئة‏.‏ وقد رَثّ يَرِثُّ رَثاثَةً ورُثوثةً‏.‏ والرِّثَّة‏:‏ أسقاط البيت* من الخُلْقانِ، والجمع رِثَثٌ‏.‏ وأمَّا قولهم ارتُثَّ في المعركة، فهو من هذا، وذلك أنَّ الجريح يسقُط كما تسقط الرِّثَّة ثم يُحمَل وهو رثِيثٌ‏.‏

ومن الباب ‏[‏الرِّثَّةُ‏]‏، وهم الضعفاء من الناس‏.‏ ويقال الرِّثَّة‏:‏ المرأةُ الحمقاء‏.‏ فإِن صحّ ذلك فهو من الباب‏.‏

‏(‏رج‏)‏

الراء والجيم أصلٌ يدلُّ على الاضطراب، وهو مطَّردٌ منْقاس ويقال كتيبةٌ رَجْراجة‏:‏ تَمَخَّضُ لا تكاد تسير‏.‏ وجاريةٌ رَجراجة‏:‏ يَتَرجْرج كَفَلُها‏.‏ والرِّجرِجَة‏:‏ بقيّة الماء في الحوض‏.‏ ويقال للضُّعَفاء من الرجال الرَّجَاج‏.‏

قال‏:‏

أقبَلْنَ من نِيرٍ ومن سُواجِ ***

بالقوم قد ملُّوا من الإدْلاجِ

فَهُمْ رَجَاجٌ وعَلَى رَجَاجِ

والرَّجُّ‏:‏ تحريك الشيء؛ تقول‏:‏ رجَجْتُ الحائطَ رَجّاً، وارْتَجَّ البحر‏.‏ والرّجْرَج نعتٌ للشيءِ الذي يترجْرَج‏.‏ قال‏:‏

* وكَسَتْ المِرْطَ قَطاةً رَجْرَجا*

وارتجَّ الكلامُ‏:‏ التَبَسَ؛ وإنما قيل له ذلك لأنّه إذا تَعَكَّرَ كان كالبحر المرتَجّ‏.‏ والرِّجرِجَة‏:‏ الثَّرِيدة الليِّنة‏.‏ ويقال‏:‏ الرَّجَاجة النّعجة المهزولة؛ فإنْ كان صحيحاً فالمهزول مضطربٌ‏.‏ وناقةٌ رَجَّاءُ‏:‏ عظيمة السَّنام؛ وذلك أنّه إذا عظُمَ ارتجَّ واضطرب‏.‏ فأمّا قولُه‏:‏

* ورِجْرِجٌ بَيْنَ لَحْيَيْهَا خَنَاطِيلُ *

فيقال هو اللُّعاب‏.‏

‏(‏رح‏)‏

الراء والحاء أصلٌ يدلُّ على السّعَة والانبساط‏.‏ فالرَّحَحُ‏:‏ انبساطُ الحافرِ وصَدْرِ القَدَم‏.‏ ويقال للوَعل المنبسط الأظلاف أرحُّ‏.‏ قال‏:‏

ولو أنَّ عِزَّ النّاسِ في رأسِ صَخرةٍ *** مُلَمْلَمَةٍ تُعيِي الأرَحّ المخدَّما

ويقال تَرحْرَحَت الفرسُ‏:‏ فَحَّجَتْ قوائمَها لتبُول‏.‏ ويقال هم في عيشٍ رَحْرَاحٍ، أي واسع‏.‏ ورَحْرَحَانُ‏:‏ مكانٌ‏.‏

‏(‏رخ‏)‏

الراء والخاء قليلٌ، إلاّ أنّه يدلُّ على لِينٍ‏.‏ يقال إنّ الرَّخَاخَ لِينُ العَيْش‏.‏ وأرضٌ رَخَّاءُ‏:‏ رِخوة‏.‏ ويقال-وهو ممّا يُنظَر فيه- إنّ الرَّخَّ مَزْجُ الشَّرابِ‏.‏

‏(‏رد‏)‏

الراء والدال أصلٌ واحدٌ مطّردٌ منقاس، وهو رَجْع الشَّيء‏.‏ تقول‏:‏ ردَدْتُ الشَّيءَ أرُدُّه ردّاً‏.‏ وسمِّي المرتدُّ لأنّه ردّ نفسَه إلى كُفْره‏.‏ والرِّدُّ‏:‏ عِماد الشَّيء الذي يردُّه، أي يَرْجِعُه عن السُّقوط والضَّعْف‏.‏ والمردودة‏:‏ المرأة المطلَّقة‏.‏ ومنه الحديث‏:‏ أنَّه قال لسُراقةَ بنِ مالكٍ‏:‏ ‏"‏ألاَ أدُلك على أفضَل الصّدَقة، ابنَتُكَ مردُودةً عليك، ليس لها كاسبٌ غيرُكَ‏"‏‏.‏ ويقال شاة مُرِدٌّ وناقةٌ مُرِدّةٌ، وذلك إذا أضْرَعَتْ، كأنَّها لم تكن ذاتَ لبن فرُدَّ عليها، أو رَدَّت هي لبنَها‏.‏ قال‏:‏

* تَمْشِي من الرِّدَّةِ مَشْيَ الحُفَّلِ *

ويقال هذا أمرٌ لا رادَّةَ له، أي لا مرجُوع له ولا فائدةَ فيه‏.‏ والرَّدَّة‏:‏ تقاعُسٌ في الذَّقَن، كأنه رُدّ إلى ما وراءه‏.‏ والرَّدَّة‏:‏ قبحٌ في الوجه مع شيءٍ من جَمال، يقال في وجهها رَدّةٌ، أي إنَّ ثَمَّ ما يرُدُّ الطَّرْف، أي يَرْجِعُه عنها‏.‏ والمتَرَدِّد‏:‏ الإنسان المجتمع الخَلْق، كأنَّ بعضَه رُدَّ على بعض‏.‏ ويقال-وفيه نظر- إن المردُودة المُوسَى، وذلك أنّها تُرَدُّ في نِصَابِها‏.‏ ويقال نهرٌ مُرِدٌّ‏:‏ كثير الماء‏.‏ وهذا مشتقٌّ من رِدَّة الشَّاةِ والنّاقة‏.‏ ومن الباب رجُلٌ مُرِدٌّ، إذا طالت عُزْبَتُه؛ وهو من الذي ذكرناه من رِدّة الشَّاة، كأنَّ ماءَه قد اجتمع في فَِقْرته، كما قال‏:‏

رأت غلاماً قد صَرَى في فَِقْرَتِه *** ماءَ الشَّبابِ عُنْفُوَانُ شِرَّتِهْ

‏(‏رذ‏)‏

الراء والذال كلمةٌ واحدةٌ تدلُّ على مطرٍ ضعيف‏.‏ فالرَّذَاذ‏:‏ المطر الضعيف‏.‏ يقال يومٌ مُرِذٌّ، أي ذو رَذَاذٍ‏.‏ ويقال أرضٌ مُرَذٌّ عليها‏.‏ قال الأصمعيّ‏:‏ لا يقال مُرَذٌّ ولا مَرذُوذة، ولكن يقال مُرَذٌّ عليها‏.‏ وكان الكسائيُّ يقول‏:‏ هي أرض مُرَذَّةٌ والله أعلم‏.‏